*أماني النّجار _ خاصّ الأفضل نيوز*
من سويسرا الشّرق إلى دولة الانهيار والعجز... يمرُّ لبنان بأزمةٍ اقتصاديّةٍ خانقةٍ، طالَت جميعَ قطاعاتِهِ الحيويّةِ والمعيشيّة؛ جرّاءَ انهيار قيمة العملة الوطنيّة، فقد أدّى تراجعُ الدَّعم الحكوميّ لأسعار السّلع الأساسيّة ،وتُعَدُّ المحروقات المسبّبَ الأبرز لهذِهِ الأزمة؛ لتأثيرهاِ على القطاعاتِ كافةً.
يُعاني اللُّبنانيّ ارتفاعَ تكاليف المعيشةِ يومًا بعدَ يوم. كلُّ شيءٍ يرتفع بشكلٍ جنونيّ، فباتَ المُواطنُ يدفعُ المزيد لكي يحصلَ على السّلع الضّروريّة لاستمرارِه، دون وُجودِ معيارٍ واضحٍ للأجور.
في هذا السِّياق، يتحدّثُ السيّد محمود (مُقيم في قب الياس) للأفضل نيوز: "إنّني أعملُ في ورشاتٍ للبناء، والمبلغُ الذي أتقاضاه _بالكادِ_ يكفي لشراء الخبزِ والطّعام لقوت يومٍ واحدٍ"، مضيفًا: "إنه يشتري الثّيابَ من محالِّ الألبسة المستعملة، ويعلّمُ أولاده في مدرسةٍ رسميّةٍ قريبةٍ من منزلهم".
بالموازاة، يُواجهُ لبنانُ المُعتمِدُ على استيرادِ الوقود، أزمةً في الطّاقة، ويُحالِفُ الحظُّ الأُسَر إن حظيت بساعةِ تغذيةِِ كهرُبائية. في هذا الصّدد، يقولُ السيّد طه الميس (صاحب أحد المولّدات) لموقعنا: "إنّ الاعتمادَ على المولّدات الخاصّة ليس حلًّا دائمًا، إنما الحلُّ الشاملُ مرتبطٌ بإعادةِ إنتاج الكهرباء من معاملِ الطاقة التابعةِ للحكومة، فلبنان يعيش عتمةً شبه تامة؛ بسببِ الانقطاعِ الكاملِ للكهرباء، والتّقنينُ الشديدُ الذي يصلُ إلى 23 ساعة يوميًّا".
بعدما واصلَ الدّولار ارتفاعه أمام اللّيرة اللّبنانيّة في السّوق السّوداء، مُحطّمًا كلَّ يومٍ أرقامًا قياسيةً جديدةً، وبلغَ إلى 40500 ليرة لبنانية، انخفضَ بالأمس، ثمَّ عاوَد ارتفاعه؛ ما سبّبَ بلبلةً في السوق السّوداء، وذلك بعد أن أعلنَ مصرفُ لبنان أنَّه سيبيعُ الدّولار الأميركيَّ حصرًا دون شرائه. وقد علّق لموقعنا نقيبُ النقل في البقاع محمد فرحات بالقول:"يجبُ أن تنخفضَ الأسعار بشكلٍ تلقائيّ على كلِّ المستويات، فمثلًا سعر صفيحة البنزين مرتبطٌ بشكلٍ مباشرٍ بسعر صرف الدولار في السّوق السَّوداء، وبالتزامنِ مع هذا الانخفاض، من الطبيعيِّ أن يتراجعَ سعرُ صفيحة البنزين، وأن تُعتمَدَ التسعيرةُ وفقًا لسعر صرف 37000 للدّولار، ما يعني أنَّ سعرَ صفيحة البنزين ينخفضُ أكثر من 50 ألف ليرة".
من جهةٍ أخرى، تُعاني أغلبُ المستشفيات من هجرةِ نحو 40% من الأطبّاء، أغلبهم متخصّصون، إضافةً إلى كلفةِ المستلزمات الطبيّة، وانقطاع بعض الأدوية. وفي حديثٍ خاصٍّ للأفضل نيوز مع نقيب الأطبّاء الدكتور يوسف بخّاش قال: "إننا نُعاني من نقصٍّ حادٍّ في عدد الأطبّاء، لذلك يسعى الصّليب الأحمر والدّفاع المدنيّ، إلى معالجة بعض الحالات الصُّحيّة، على قدر الإمكان، بالتعاون مع لجنة أسّستها النِقابةُ؛ لأنّ الحالاتِ الحرجةَ التي تتطّلبُ اختصاصيين باتوا غير متوفرين. كما تسعى بعضُ المستوصفات لتأمين أدويةٍ بشكلٍ مجانيّ".
ومع تراجعِ القدرة الشرائيّة للفرد، وشُحِّ توفير غذاءٍ كافٍ لعدد كبير من العائلات، حلّقت أيضًا أسعارُ الخُضار والفواكه دون أيِّ رادعٍ، ويبقى السّببُ الرَّئيس في ذلك هو جشعُ التُجّار تحت حجّة ارتفاع الدّولار. يقول علي الكناكري (بائع خضار) لموقعنا: "أصبحت أسعارُ الخضار والفاكهة خياليّةً، وتتفاوت بين المحال التّجاريّة وبائعي الخضار المتجوِّلين، فمثلًا: كيلو البطاطا 20 ألف ل.ل.، الكوسا 24 ألف ل.ل.، البندورة 30 ألف ل.ل.، الخس 30 ألف ل.ل.، ونظرًا لهذا الغلاء الفاحشِ أصبحت تكلفةُ (الطبخة) تساوي سعرَ اللّحمة والدَّجاج".
ما لم تفعله الحربُ الأهليّة والحروبُ المتكرّرةُ مع إسرائيل، فعله الفساد، حتى الشّعب أصبح جزءًا منه. والسُّؤال الذي يطرحُ نفسَه هُنا، هل نبقى أسرى أقدارِنا، أَم أنَّ أملًا يلوحُ في الأُفُق ويُعوَّل بهِ على الجيل الصاعد؟ وهل نَأمَل في فجرٍ جديد أم أنّنا سنبقى مكاننا؟".