بكر حجازي - خاصّ الأفضل نيوز
في الأمثلة الشّعبيَّة يوجد الكثيرُ من المخزون الثقافيّ، والعادات والممارسات التي تحوَّلت أمثلةً عبر التاريخ، وأصبحت على حدِّ قول المثل: "على كلِّ لسان".
ومنَ الأمثلةِ الشّعبيّة التي نسمعُها عن الطّبعِ والتَّطبُّعِ المثلُ القائل (الطّبع غلب التّطبُّع)...
فلا شكَّ أنّ الولايات المتّحدة الأمريكيّة، ومن ورائها كلُّ الغرب يحاولون تغييرَ طبعَ المشرقيّين والعرب وهويّتهم.
وعلى الرّغم من الصّراع في لبنان بين أهله على هويته بين فينيقيّين وعرب، إلّا أنّ لبنان يبقى لبنان درّة الشّرق، وأرز الرّبِّ الذي تحاولُ الكثيرُ من الأمم السّيطرة عليه عبر خلق موروثاتٍ لن يكون لها تأثيرٌ في وجدان اللُّبنانيّين المشرقيين العرب، أو على طباعهم التي لن تطبعَ بالهوى المراد لها صهيونيًا. فهذه هي مصرُ رغمَ اتّفاقية السّلام، لم تنجح فيها فكرة التّطبُّع أو بالأحرى التّطبيع مع الإسرائيليّ، الذي بقي في الوجدان عدوًا محتلًا ومغتصبًا للأرض المقدّسة، قاتلًا لإخوة من فلسطين وكلّ العرب المحيطين ببيت المقدّس وأكنافه...
فالطّبعُ غلبَ التطبُّع، وما لم يستطيعوا أن يغيروه في مصرَ، من المؤكّد أنهم لن يتمكّنوا منه في لبنان، حيث لا أرضيّةَ لتوقيع اتٌفاق سلام أو تطبيع عند الطبقة السّياسيّة رغم استشراءِ الفساد فيها، ربما يعودُ ذلك لوجود المقاومة اللُّبنانيّة الفاعلة في مفاصلِ الشّعب والدّولة اللُّبنانيّة، ممّا يُشعِرُ هؤلاء بالخطر في أيّ محاولة. وقد يتجنّى البعضُ ليصفَ ما يحصل في ترسيم الحدود بأنّه تطبيعٌ مع الكيان الصّهيوني، بالرّغم من كونه لا يتعدّى الاتفاقَ على تنظيم الصّراعِ المستمرِّ دون الاعتراف بالعدوّ كدولةٍ، ولكن كمتنازع منه، نفاوضه وننازعه حول الحقوقِ السّليبَة، والتي تتعدّى لبنان لتصلَ فلسطين من البحر إلى النّهر...
الشعبُ العربيّ الذي لا يزالُ يحتفظُ بالعقال الأسود على الكوفيّة، هذا العقال على الرّؤوس التي ربّما ترنّح منها ما ترنح في التّطبيع، ماضيًا بتحقيق ازدهارٍ مؤقّت، لا يمكن أن يدخلَ إلى رؤوس العرب، والذين لا زالت فيهم غيرةُ البدو، ورقيّ الحضر في تنظيم الخصومة، أو التّأسيس للثّأر ولو من بعد حين.
مجرى التاريخ، أنه لا يمكنُ تغييرُ الطّبع الأنانيِّ للصّهيونيَّة العالميَّة، أو تغيير شرِّها، ومحاولة استعبادها لسكانِ الأرض، ظنًّا منهم أنهم شعبُ الله المختار، فنحن قومٌ نؤمنُ بأن لا فرقَ بين عربيٍّ أو أعجميٍّ إلا بالتّقوى، وأنَّ الناسَ سواسيةُ كأسنان المشط، وطبعنا من موروثات يعود تاريخها إلى أصلٍ أزليٍّ في وجود أرضٍ ستبقى ونبقى بها أجيالًا من بعد أجيال حتى يأتيَ اليوم الموعودُ بطباع الخير التي تصارعُ الشّرَّ إلى أبدٍ سينتهي بنصرٍ محتومٍ على الشّرِّير في كل مكانٍ وزمانٍ....