د.يوسف الصميلي – خاص الأفضل نيوز
أظهرت الحرب الأوكرانية، أن حرب الطاقة أشد تأثيراً على العالم الغربي من الحرب العسكرية، فراحت كل دولة تبحث عن إنقاذ نفسها بنفسها، بعد القرار الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي بالاستغناء عن النفط والغاز الروسيين، وقاد الرئيس الأميركي جو بايدن حلفاءه وأشهروا على روسيا حرباً اقتصادرية عاتية، ولأن ميزان استجرار الطاقة العالمي يعتمد بشكل أساسي على إنتاج المملكة العربية السعودية، فقد وجدها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان فرصة لإشعار واشنطن بأنه يستطيع أن يعارضها في تصورها لما يجب أن تكون عليه حال النفط والغاز إنتاجاً وأسعاراً.
محمد بن سلمان – بايدن
سواء صحت الرواية عن امتناع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن الإجابة على مكالمة الرئيس الأميركي جو بايدن أو لم تصح، فإن سيد البيت الأبيض اضطر إلى زيارة الرياض، ولقاء ولي العهد والحديث عن أهمية زيادة إنتاج المملكة من النفط حرصاً على توازن السوق، وقد تبين أن الحسابات اختلفت بين الرجلين وجاءت قرارات الأوبك بلاس مخيبة لأمل الرئيس الأميركي، وجاء التفسير السعودي للحفاظ على معدل الانتاج الحالي للنفط مقنعاً، وأن أزمة الطاقة الأميركية والأوروبية ليست بالشدة التي يتحدث عنها المسؤولون والإعلام على حد سواء، وأن ألمانيا وفرنسا ودولاً أوروبية أخرى وضعت خططاً عملية وإن تقشفية، لتمرير مرحلة الشتاء فيها، وتبين للأوروبيين وكذلك للأميركيين وإن بامتعاض، ان الدور السعودي في الحرب الأوكرانية هو دور إيجابي، وأن ما نجح به محمد بن سلمان لم ينجح به أي مسؤول آخر في الشرق والغرب، حين تمكن من إتمام صفقة الإفراج عن معتقلين لدى الجانبين الروسي والأوكراني، ما يعني أن المملكة هي موضع ثقة الطرفين المتحاربين، وقد ينمو هذا الدور السعودي فيكون مؤثراً في وضع حد لهذه الحرب.
صداقة لا خصومة
الموقف السعودي جاء من موقع الصداقة الطويلة بين الرياض وواشنطن، ونوعاً من لفت نظر القيمين على السياسة الأميركية إلى أن للملكة مصالحها العربية والإقليمية والدولية، وان الرئيس جو بايدن على وجه التحديد، وقبله الرئيس باراك أوباما وعموم الإدارة الأميركية الديمقراطية، لم يُراعوا في سياستهم الشرق أوسطية والدولية مصلحة العرب بعامة، ومصلحة الخليج العربي والسعودية بخاصة، وان الكثير من المياه جرت بين الجانبين، الأمر الذي جعل سياسة المملكة تنطلق من مصلحتها وأن تسمح بالتباين مع الموقف الأميركي من موقع الصديق لا الخصم، وأن على واشنطن أن تنظر إلى الرياض كدولة لقوتها في الطاقة دور سياسي أيضاً قد تكون له أرجحية على الدور الاقتصادي وان ولي العهد محمد بن سلمان رافعة قوية لسياسة المملكة الجديدة.