زياد العسل _ خاصّ الأفضل نيوز
"نريدُ حقّنا وجنى العمر..". بهذه العبارة يختصرُ أبو سليم (٧٠ عامًا) المشهدَ كلَّه، بعد أن أمضى في أفريقيا ما يناهزُ الثلاثين عامًا متتاليةً، حيث اعتقدَ أنّ تعبَه في القارّةِ السّمراء لن يذهبَ سدًى، وأنّ العرق المتصبّبَ من جبهته سيكونُ بمثابةِ سلاحٍ له في باقي أيامه، فيتمكن من عيش حياة كريمة، ولكنَّ المصيبةَ قد وقعت، وفقَ الرجل السّبعينيّ، الذي يعتبرُ أنَّ ما حدث في المصارف هو سرقةٌ ممنهجةٌ لشعبٍ بأكمله، فحاكمُ المصرفِ المركزيِّ والدّولة الفاسدة التي يعملُ لخدمتها طوال عقود، يتحملان أيَّ عوزٍ أو فقرٍ مدقعٍ قد يصلُ له.
البنكُ الدوليُّ صنّفَ الأزمةَ اللبنانية من بين الأسوأ عالميًّا منذ عام 1985، وقد علت أصواتُ المودعين الذين يحاولون السّيرَ في المنهج الدبلوماسيّ والقضائيّ ليتمكّنوا من استردادِ حقوقهم. ووصل الأمرُ ببعض المودعين اللبنانيين لاجتياحِ المصارفِ اللّبنانية، واعتبار أنَّ المنظومةَ والمركزيَّ اللذين يسرقان جنى العمر، لا حلَّ معهما سوى بالقوة والضغط مهما كلّف الثمن، وهي الخطوةُ التي اعتبرها بعضُ المتابعين خطوةً مهمةً وجريئةً. في حين اعتبرها قسمٌ آخر انها خطوةٌ جنونيةٌ قد تطيحُ بالقطاع المصرفيِّ برمته دون أن تعطي نتائجَ إيجابية.
حكوماتٌ عربيةٌ وجهاتٌ رفيعةٌ طالبت باسترداد ودائعِ مواطنيها من المصارف اللّبنانيّة، كالخارجية اليمنية مثلًا، التي طالبت باستردادِ ودائع بقيمة 250 مليون دولار، وما يقارب 10 مليار دولار لعراقيين طالبت بهم الدولةُ العراقية، إضافةً إلى أرقامٍ كبيرةٍ لرجال أعمالٍ من سوريا، ومستثمرين كبار يعيشون حالةَ قلق لاسترداد حقوقهم، ولغاية اللحظة لم يحصل توافقٌ رسميٌّ بشأن آلية أو كيفية استردادِ هذه الأموال، بحيث أنَّ الخاسرَ الأكبر سيكون المودعُ الذي ارتكبَ جريمةً واحدةً وهي الثقة في المصارف اللبنانية ، وحتى عام 2019 قُدّرت القيمةُ الإجماليّة لودائع غير المقيمين ما يقارب 37 مليار دولار، وفق الرئيس الأسبق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود.
رئيسُ جمعيّة المودعين حسن مغنية أكّد في حوار خاصٍّ للأفضل نيوز "أنّ المشهدَ الاقتصاديَّ والاجتماعيَّ لا يمكن فصله عن المشهد السّياسي؛ لأن الهدوء السياسيَّ ينعكس خيرًا على الاقتصاد، والحلُّ يبدأ بانتخاب رئيسٍ للجمهورية، وتشكيل حكومةٍ قادرةٍ على العمل دون تعطيل، وهناك أملٌ لعودة أموال المودعين، وهو ليس بخطة التعافي ، وإنما بالمحاسبة وتحديدِ المسؤوليات بشكلٍ واضحٍ وصريح، وتفعيل وحدة التحقيقِ الخاصة بمصرف لبنان، والنظر بالحسابات المنتفخة من موظفي قطاع عام طيلة ٣٠ سنة، وهنا يمكنُ أن تعودَ الودائعُ من دون توافق سياسيٍّ وhaircut.