محمد نجم الدين - خاصّ الأفضل نيوز
قد تكونُ اللحظةُ الحاليةُ من أخطرِ اللحظاتِ التي مرت على العالم منذ الحرب العالمية الثانية من حيث انعكاساتها المخيفةِ على حاضر البشرية ومستقبلها في الغذاء والدواء والأمن ، وغيابِ الشراكة في المرجعية الدولية التي كان لها الكلمة الفصل في إنهاء النزاعات وفقًا لقواعد تراعي مصالحَ الأقوياء ٠
ومن سوءِ طالع لبنان أنَّ أزمته الممتدَّةَ منذ عقدٍ ونيِّفٍ بسبب غياب المرجعيةِ العربية القادرة على ضبط إيقاعِ العلاقات بين الأطراف التي كانت تنتجُ استقرارًا في الحكمِ، وتسيير أمورُ الدولة بمباركةٍ عربية إقليمية ودولية ، ازدادت تعقيدًا بفعل الاشتباك الدوليِّ على مساحةِ العالم ٠
وفي ظلِّ تلك المناخاتِ اندلعت الحرب الروسية (الأوكرانية نيابة عن أمريكا ) ووضعت العالمَ أمام معسكرين متقابلين ،وأدخلت أوروبا في أزمة وقودٍ وغازٍ انعكست سريعًا أزمة اقتصادية غير مسبوقة مما جعلَ دول القارة العجوز أمام مأزقٍ خطير ومربك ،أما أمريكا التي تخوض الحروبَ عادةً خارج أراضيها فقد أصابتها أيضا شظايا هذه الحرب من خلال اضطرارها لفتح صناديق المال والسلاح وضخها في تلك الحرب دعما لأوكرانيا، وانشغالها بها كأولوية على ما عداها من القضايا العالمية التي تعتبر أمريكا نفسها معنيةً بكلِّ تفاصيلها وألاّ تفقدَ هيمنتها على الاقتصاد والسياسة على مساحة أكثرية دول العالم . والانشغالُ الأمريكيُّ والعالميُّ بالحرب في أوروبا جعلَ الموضوعَ اللبنانيَّ في هوامش اهتماماتها، وبات تفصيلًا بسيطًا في سوق المقايضة الإقليمية بين أمريكا وبين الدول الفاعلة الباحثة الطامحة إلى نفوذٍ يحمي مصالحها ويثبتُ قوتها في الإقليم ٠
والمؤسفُ حقًّا أنَّ قياداتِ لبنان لم تدركْ بعدُ أنَّ لبنان اليوم ليس سوى سلعة للمقايضة وأنَّ العالمَ الذي كان يرى في لبنان الدولة النموذج في الشرق ،هذا العالم أصبحَ ساحةً بل قرية كونية صغيرة في حسابات المصالح وأنَّ الغربَ يعتقد أنَّ لديه القدرة على صنع نماذج معاصرة تستوفي شروطَ الوظيفة الدولية المستجدة وباتت هذه الدولُ تعمل على قاعدة "قصص ورق ساويهم ناس " وهي فعلا قادرةٌ على تطبيق القاعدة تلك على الدول،وما سمعناه عن خرائط جديدة للمنطقة ليس بعيدًا عن هذا المسار ٠
لبنانُ في دائرة الضياعِ وهو المشرذمُ بين طموحات صغار الساسة ومدعي السيادة والحرية والاستقلال الذي بات يبحث عن ذاته في حقائب السفر لاستجداء الموقع أو المال ولو على حساب الثوابت الوطنية وبين الهامات الكبيرة المتمسكة بلبنان الطائف بعيدا عن حكم الطوائف.
كل استقلال والوطن بخير