د.يوسف الصميلي – خاصّ الأفضل نيوز
قبلَ الثورة المصرية على حسني مبارك، كان التنافسُ على أشدِّه بين مصرَ وجنوب أفريقيا على استضافة كأسِ العالم، بعد أن استقرَّ الأمر على حقِّ أفريقيا في تنظيم هذه الاحتفالية العالمية، وبعد أن انتهت المنافسةُ إلى دولتين إحداهما في أقصى الجنوب من أفريقيا والأخرى في أقصى الشمال منها، ورسا الأمرُ على دولة نيلسون مانديلا، قال هذا الزعيم الاستثنائيُّ الفذُّ ردًّا على سؤال صحفيّ: نحن نافسنا مصرَ الدولة الإفريقية الكبرى ،لكنَّ الأمرَ كان سيختلفُ لو كانت مصر عبد الناصر، لن تفكر حينئذٍ في المنافسة، وسنهدي تنظيمَ كأس العالم للقاهرة.
وجهان للقراءة
هناك وجهان للقراءة في قول مانديلا، الوجه الأول: إنَّ مصر الحاليةَ هي دولةٌ إفريقيةٌ عادية، يحقُّ لأيِّ دولة أخرى أن تنافسها في أيِّ محفلٍ عامّ، إفريقيًّا أو دوليًا، ولذلك استخدمت جنوب افريقيا هذا الحقّ، وكان واضحاً أنَّ شخصيةَ مانديلا كانت تحملُ صفة الأرجحية لصالح عاصمته كيب تاون، أما الوجه الثاني للقراءة في قول مانديلا، فخلاصته أنَّ عبدَ الناصر هو توأم كلِّ أفريقيا ، وإفريقيا لا تنافس نفسها، لذلك لم يكن وارداً أن تكون جنوب أفريقيا في وجه مصر على الإطلاق.
مناسبة هذا الكلام مونديال 2022، في دولة قطر، الذي جاهدت هذه الدولة العربية كثيراً لتنالَ هذا الحقَّ في تنظيمه، ومضى عليها أكثر من خمس سنوات استعداداً له، وهيأت كلَّ السبل لنجاحه، وواجهت نقداً من هنا وملاحظةً من هناك ومديحاً من هنالك، لكنها مضت واثقةً من خطوتها مؤكدةً انتماءَها لأمتها العربية وممثلة لها في هذه الاحتفالية، واختارت للافتتاح الأناشيدَ الوطنية للدول العربية، مؤكدة على أنَّ دورها لا ينفصلُ عن هذا الانتماء، ويسجلُ نقطةً متقدمة على صعيد اتحاد المشاعر والرؤى والآمال والأهداف العربية.
وقطرُ التي هي جزءٌ من اتحاد دول الخليج العربيّ، أثبتت بتنظيم المونديال أنها تمثل أيضاً شبهَ الجزيرة العربية كلَّها بمكوناتها جميعها الممثلة في دول اتحاد الخليج العربيِّ واليمن، وأنَّ كلَّ المحاولات التي تسعى لتشطير هذا المكوّن العربيِّ الواسع والشاسع، لن يُكتبَ لها النجاح وستذهب أدراجَ الرياح، وسيبقى نشيد بلاد العُرب أوطاني، اللحن الذي يحمله قلبُ كلِّ فتى عربيّ.
نعم .. التكاليفُ باهظة، لكنها نقطةُ ضوءٍ وبارقةُ آمال في دنيا العرب في هذه الأيام الحالكة السواد.