محمود الزيات - خاص الأفضل نيوز
بعد أن انتهت مفاوضاتُ ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والكيان الإسرائيليّ، إلى "اتفاق عائم" يرى مراقبون أنَّ اتفاق الترسيم البحري، فتح الباب واسعًا أمام طرح ملفِّ الأراضي اللبنانية المحتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، (احتُلَّت خلال حرب العام 1967)، والقسم الشمالي من الغجر، الذي تحرَّر بعد ترسيم الحدود غداة تحرير معظم المناطق الجنوبية من الاحتلال في أيار العام 2000، ثم عاد الاحتلال وأحكم سيطرته عليه ، خلال عدوان تموز العام 2006. وما هو مُثبت، فإنَّ ملفَّ الترسيم البريِّ الذي لم ينتهِ، أبقى على ثلاث عشرة نقطة، اٌدرِجَت في خانة المناطق "المتنازع عليها"، وهي منتشرة في معظم المناطق الجنوبية عند الحدود مع فلسطين المحتلة، وهي مناطق يُمنع إقامة منشآت عسكرية أو مدنية عليها.
وتبقى العلامة الأبرز التي سُجِّلًت في عمليات الترسيم البري، التي انطلقت بعد أسابيع قليلة من التحرير عام 2000، ما جرى عند ضريح الشيخ العبَّاد، يومها، كان الوفد اللبنانيُّ العسكريُّ الذي تولى المفاوضات، "يُنقِّب" في مستنداته ووثائقه الطوبوغرافية عن أيِّ سنتيمتر واحد يمكن أن يُستعاد إلى الأراضي اللبنانية المحررة ، ما زال يسيطر عليه الاحتلال، كما حصل في قرى حدودية، ومنها حولا وميس الجبل استُعيدت أراض ملاصقة لمستوطنة المنارة الإسرائيلية، كانت محتلة منذ 22 عامًا، وسعى الاحتلال لضمِّها إلى سيطرته.
"ضريح الشيخ" في وطنَيْن.. محرَّر ومحتل
يقع "مقام العبَّاد" عند أعلى تلٍّ في الطرف الشرقي لبلدة حولا الحدودية، والمتاخمة لمستوطنة المنارة الإسرائيلية، ويضمُّ ضريحًا للشيخ، رُفٍعَت على طرفه كتابات عبرية، فسحة من المكان أمام الضريح إسمنتية انقسمت ادإلى جزئين، الضريح الذي لا يتجاوز عرضه المتر الواحد، توزع "طوليا" بين وطنَين .. محرَّر في لبنان.. ومحتل في فلسطين، ويُكبِّل الترسيم البري الشيخ العباد في ضريحه، باسلاك شائكة رسمت حدودا "مُلتبسة"!، بعد أن استقرَّ خط الحدود في منتصف الضريح، حتى الدرج الذي يُفضي إلى ساحة المقام التي يلفها سور منخفض العلو من الإسمنت، قُسم جزئين، بعد أن ثٌبِّتَ "خط الحدود" في وسطه.
"جيران" المقام، غير مرغوب بهم، جندٌ من الاحتلال يقيمون في محمية عسكرية إسمنتية ملاصقة للمقام، مجهزة بأحدث معدات التجسس وأبراج المراقبة، وهو أكبر موقع عسكري مجهز بأحدث الوسائل التكنولوجية، قاعات الموقع وطبقاته المدجَّجة بالباطون المعزز، وغابات الأسلاك الشائكة التي تُسيِّجها، تلاصق الأراضي اللبنانية.. يومها قال ضابط لبناني شارك في عملية الترسيم، أنَّ قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي بتحويل مقام العباد إلى ثكنة عسكرية مدججة بمعدات المراقبة الحديثة، سببه الموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي يمتاز به المقام وأهميته من الناحية العسكرية، لكونه يُطِلُّ على سهل الحولة والجولان وجزء واسع من الجليل الفلسطيني، فضلا عن مناطق واسعة من جنوب لبنان.
مع زوال الاحتلال، تسنى للبنانيين أن يزوروا المقام، ووقفوا على بُعد سنتيمترات قليلة من جنود الاحتلال المرتعبين، يفصل بينهما جنود القبعات الزرق التابعين لقوات الامم المتحدة "اليونيفيل"، في مشهد غير مألوف.