زياد العسل _ خاصّ الأفضل نيوز
عند كلِّ استحقاق يتنطّحُ بعض القوى السياسية في لبنان، للحديث عن أهمية السيادية وأنَّ لبنان يفقد معناه الحقيقيُّ إن لم يكن دولةً سياديّةً، وهذا ما يطرح الكثير من علامات الاستفهام على معنى كلمة "سيادية" هذه الكلمة الجدليّة في قاموس السياسة اللبنانية المعاصر، فما هي السّيادية؟ وهل دُعاتُها حقًّا سياديُّون؟.
السيادية هي مصطلحٌ يشير إلى مجموعة أفكار في التنظيم السياسيِّ والمجتمعيِّ مبنية على أفكار فلسفية تهدف إلى الملكيّة الجماعية وإلى إلغاء الأنظمة الرّأسماليّة وإلى تحقيق الليبرالية؛ تؤدّي بحسب منظّريها لإنهاء الطبقية الاجتماعية ولتغيّر مجتمعيٍّ يؤدي إلى انتفاء الحاجة إلى المال وهي إيدلوجيية، اجتماعية، اقتصادية وسياسية. هدفها الأساسيُّ تأسيس مجتمع سياديٍّ بنظام اجتماعيٍّ اقتصاديٍّ مبني على الملكية المشتركة لوسائل الإنتاج في ظلِّ غياب الطّبقات المجتمعيّة والمال.
إذا كان تعريف السّيادية عند بعضهم هو ألا يكون لبنان رهينَ انتماء خارجيٍّ أو دوليٍّ أو إقليميّ، فمعنى هذا أنَّ ثمة كارثة كبرى أو انفصام كبيرٌ، بين ما يطرحون وما يقومون به على أرض الواقع السياسيِّ المعاش، فهل تذكّر هؤلاء كم من مرة كانوا رهن إملاءات الخارج، وكم تجمهروا وتحضّروا لمشاريع كانوا يدركون أنها لا تصب سوى في مصلحة تدمير البلد؟ أليس السابع عشر من تشرين هو مثل واضح وصريح على أن الثورة الشعبية التي كان محضّرًا لها مسبقًا، وركبوا موجتها وباتوا يصرخون باسم الفقراء الذين أضحوا الآن تحت تاسع خطٍّ للفقر والعوز، فأين هم اليوم من أنين هذا الشعب أم أنَّ المخطط قد انتهى ولنا العوض في الثورات الشعبية ومن يثورون؟.
مقياس السيادة الحق هو أولئك الذين قدموا سنيّ عمرهم لهذا الوطن، وكانوا على جبهات القتال والصّمود والتّصدي، ومن قدموا فلذات أكبادهم في الصراع مع العدو الوجوديِّ الأول لهذه الأمّة، والسياديّ الذي لا ينصُر أطفال فلسطين هو سياديٌّ مشبوه شكرا ومضمونًا وفكرًا؟.
اليوم، ونحن أمام الاستحقاق الكبير رئاسيًا وحكوميًا، ما زلنا نمني النفس أن نرى "الأخوة السياديّن" ولو لمرة واحدة في هذا التاريخ، قد قرروا أن يصوتوا للبنان وشعبه، دون النظر لمزاج "الرفيقة في عوكر" أو سواها من الإخوة في مغارب الأرض ومشارقها، لينتجوا "رئيسًا حقيقيًا سياديًّا" صُنع في لبنان .