أماني النّجار _ خاصّ الأفضل نيوز
جِنان سعيد شابّةٌ لبنانيّةٌ من ذوي الإعاقة منذ طفولتها، رفضَت المدارسُ استقبالها على مقاعد الدراسة ،تغلّبت على الصِّعاب وتحدّتها، وتحوّلت إلى مُدّرِّسةٍ مع الوقت، كما أصدرَت مجموعة كُتب؛ لتُعلّم أهل العِلم معنى الإنسانيّة؛ ولتحوّل في أنين كلماتها الواقع المرير إلى حديقة عطرة. أسئلةٌ طرَحَها موقعُ الأفضل نيوز على صاحبة الهِمّة جنان سعيد:
١_ ما سبب إعاقتك الجسديّة؟
-الخطأ الطبّيُّ منذ الولادة، جعلني أُعاني من صعوبةٍ في الحركة في جسدي.
٢_ جِنان الشّابة، ما هي الصّعوباتُ التي واجهتها في طفولتك؟ وما نوع المعاملة التي كنتِ تتلقينها من المُجتمع والعائلة؟
-تحدّيتُ صعوباتِ الحياة، ونظرات المجتمع السّلبية بقوّة الإيمان، وبالنّجاح والإصرار، فبعضُ النّاس جاهلون في تعاطيهم ولا يقدّرون وضعي ، يعاملونني بفظاظة، لكنّني بالإيمان والمحبّة وطهارة القلب أغلبهم.
٣_ هل واجهتِ صعوباتٍ في دخولك إلى المدرسة عندما كنتِ صغيرة؟
-بدايةً، واجهتُ صعوباتٍ كثيرةً، حيثُ رفضَت كلُّ المعاهد والمدارس استقبالي، نظرًا لوضعي الجسديّ، لكنَّ أمي واظبَت على تعليمي في المنزل. كانت فترةً قاسيةً، فلم يكن ثمّة وعيٌ كافٍ لاحتواء الحالات المختلفة جسديًّا في المدارس اللّبنانيّة حينها، ولم يكن هناك مدارس دامجة.
٤_ حدّثينا عن انطلاقة مسيرة حياتك؟
-لم تدفعني التجربةُ القاسيةُ الأولى إلى التّخلي عن تحقيق حلمي، بدأ والداي في التّفتيش عن مدرسةٍ أُخرى، إلى أن استدلّا إلى أحد المعاهد، وبدأتُ مسيرة حياتي في مركز مُختصٍّ في زحلة (شعاع الأمل)، حيثُ دخلتُ إليه، وكان عمري ٧ سنوات، تعلّمتُ فيه القراءةَ والكتابة، والقُدرة على المشي، وكان له الفضل الأكبر عليّ.
٥_ مَن ساعدك على اكتساب ثقافتك؟
-كنتُ أكتب مذّكراتي اليوميّة على دفترٍ صغير ،كانت ليست مجرّد كلمات، بل كانت أفكارًا وخواطرَ لفتاة رفضها المُحيطُ عند التقائها معه. عندما قرأَتْها مديرة المعهد الأستاذة أمل شِبلي، اكتشفَت موهبتي في الكتابة، وشجّعتني أن أصدِرَ كتابيَ الأوّل. ولن أنسى أيضًا دور أهلي في دعمي والوقوف إلى جانبي معنويًّا وماديًّا.
٦_ هل خضعتِ لدوراتٍ تدريبيّة؟
-لقد تابعتُ دراستي وخضعتُ لدوراتٍ مهنيّة وتدريبيّة في الاتّحاد اللّبنانيِّ للأشخاص المُعوّقين حركيًّا في برالياس وكانت: (محاسبة، سكرتاريا، إدارة مشاريع، كومبيوتر وصيانة كومبيوتر،الُّلغة الإنكليزيّة وتصميم فوتوغرافي). لم أتوقّف عند اختصاصٍ واحدٍ كنتُ أشغلُ نفسي بالعِلم، كي لا أنشغلَ بأمورٍ أخرى تُزعج تفكيري. كما خضعتُ لدوراتِ دعمٍ نفسيّ _ اجتماعيّ في تطوير الذّات.
٧_ لماذا توقفتِ الآن عن التّعليم في مركز شعاع الأمل؟
-توقفتُ عن التّعليم عام ٢٠١٩؛ بسبب جائحة كورونا والظّروف الاقتصاديّة في لبنان التي جعلت من تكاليف النّقل تفوق مُرتَّبي في المدرسة.
٨_ ما هي الموادُّ التي كنت تعلّمينها في المعهد؟ وما هي المهنة التي تزاولينها الآن؟
-كنتُ أعلّم المعلوماتيّة والُّلغة الإنكليزية لإخوتي ذوي الإعاقة في المعهد الَّذي أعتبره بيتي الثاني. والآن أعمل كاتبةً ومحرّرةً في مجلّة سياحيّة (الاتّحاد الدّولي ماستير شيف العرب).
٩_ أخبرينا قليلًا عن الكتب التي قمتِ بتأليفها.
-إنَّ حبِّي وشغفي للحياة، وإرادتي وعزيمتي وتجاربي القاسية، كلّها دفعتني لإنتاج كتابي الأول بعنوان (أنوار في الظلام) عام ٢٠١٠. رسمتُ من خلاله، فُسحةً كبيرةً من الأمل، وجدّدتُ عزيمتي، من خلال دعم الناس وتشجيعهم، وانطلقتُ مكمِلة رسالتي ،وأنهيتُ كتابي الثاني (همسات الروح.. جنان والأمل) عام ٢٠١٣، همساتٌ تُحاكي الروح شغفًا وحبًّا وانتصارًا، الرّوح التي تحيا بوجودكم وبوجود جميع أحبائي.
١٠_ هل واجهتِ صعوبة في تأليف الكتابين؟
أحيانًا كنتُ أقوم بطباعتهما بواسطة قدميَّ على الحاسوب؛ لأنّ حركتهما أسرعُ من حركة يديَّ. أمّا الآن، وبعد خضوعي لجلساتِ العلاج الفيزيائيّ، باتَ بإمكاني الكتابة بيديَّ، وطباعة كتابي المُقبِل.
١١_ هل تُفكّرين في تأليف كتابٍ آخر حاليًّا؟
-نعم، أعملُ على تأليف كتابٍ للأطفال، وهو عبارة عن سلسلة من القصص.
١٢_ كيف تلّقيتِ الدّعمَ المعنوي؟
-أنا سعيدةٌ جدًّا؛ لأنّني استطعتُ أن أنشرَ رسالتي في الحياة، وأن أكون محطّ إعجابٍ عند الكثيرين، تلّقيتُ دعمًا من الأحباب والأصدقاء، كما تسلّمتُ تكريماتٍ عدّة ،منها في حفل تكريم لسعيد عقل، وكان لي الحظ أن أظهر في مقابلاتٍ عدّة على محطّاتٍ تلفزيونيّة وإذاعيّة.
١٣_ هل ستتابعين المسيرة كشاعرة وكاتبة؟ وما هي طموحاتك بعد ذلك؟
-أعدكم بأنّني سأُُكملُ مسيرتي من نجاحٍ إلى آخر، وبكلّ تحدٍّ لن أستسلمَ طالما هناك نبضٌ في قلبي، فإعاقتي كانت حافزًا للتقدُّم، والوصول إلى الهدف المنشود، فالإعاقةُ الحقيقيّةُ هي نظرة المجتمع السّلبيّة.
مُواجهةُ واقعنا ليست بالأمر السّهل، فجنان أصرّت على إزالة العوائق النّفسيّة قبل الجسديّة، والاندماج في بيئةٍ ليس مِن السّهل عليها تقبُّل مَن هو مختلف، وإن كان هذا الآخر متميّزًا. قصّة جنان تُثبِت أنّ المَرءَ حين يُريد يَفعل، مهما كانت المعوّقات، فهي مثالٌ لكلِّ مَن أرادَ بإصراره وعزمِهِ تخطّي الإعاقة واليأس والسّلبيّة ليصِل إلى مرتبةٍ عاليةٍ من النّجاح.