عبدالله قمح - خاصّ الأفضل نيوز
يصطدم الموفدون والعاملون الدوليون والعرب في ملف الرئاسية بواقع استعصاء الحلول، الناتجة ليس فقط عن وضعية التركيبة السياسية الحالية إنما التركيبة النيابية.
وطوال أشهر من درس الموفد القطري أبو فهد للوضعية اللبنانية في شأن الأزمة الرئاسية، استقر رأيه على وجود استعصاء واضح وفعلي، يتمثل بغياب القدرة على "تجميع الكتل البرلمانية" حول خيارات رئاسية واضحة. وعلى الرغم من أن الوسيط القطري يعتقد أنه تحول إلى طلبات رئاسية "أكثر مرونة" من جراء طرحه نظرية تبني المدير العام للأمن العام اللواء الياس البيسري مرشحاً رئاسياً توافقاً، غير أن اكتشف أن البيسري، وعلى الرغم من عدم انحيازه لأي طرف، لكنه لا يقدر على التجميع، لأن المعايير التي وضعتها الكتل بين ما يمكن تسميته "8 آذار" و "سيادية" و "تغييرية"، تكاد تكون متباينة إلى حدود بعيدة، ولا شيء يجمعها، وليس ثمة من نقاط التقاء حول تلك المعايير، أو إشارات ولو صغيرة تنفع في ردم الهوة وتقريب المسافات بين الجميع.
هذا التقدير بلغه أيضاً موفدون آخرون وعاملون في شأن الملف الرئاسي، وصلوا إلى تقدير من أن التصنيفات التي تضعها الكتل، تكاد تكون متباعدة جذرياً، فيما بعضهم وصل إلى قناعة مفادها أن المسألة تترتب عن الاختلافات الناتجة عن نتائج انتخابات عام 2022 النيابية، والتي أدت إلى ولادة تقسيمة نيابية مختلفة، وأرست قواعد عمل نيابي لم تعهدها الجمهورية الثانية بعد الطائف، وخلقت نوعاً من النزاع بين النواب يتمثل ليس بالطروحات السياسية إنما بالقضايا المصيرية والنظرة إلى مستقبل البلاد، وأنتجت –وهو الأسوأ-، كتلاً نيابية صغيرة، أضحت معها مسألة التوافق وإرساء مبدأ الديمقراطية التوافقية صعباً.
فكيف لك أن تجمع كتلاً متفرقة ومتباينة حتى بين أركانها، ويكاد يكون أكبرها لا يتعدى عدد أعضائه الـ4 نواب؟
أمام هذا الواقع، بدأت أطراف معينة تدرس نظرياً مدى النجاح في إجراء انتخابات نيابية مبكرة وكيف ستكون عليه الأحوال، وتدرس مدى التغييرات المحتملة من وراء هكذا طرح، وهل سيؤدي إلى تغييرات جذرية على مستوى الحضور النيابي الحالي أم لا.
وتعتقد أوساط أن إمرار الانتخابات البلدية والاختيارية المتوقع إجراؤها في الربيع المقبل (إن لم يحدث أي تطور يؤدي إلى تأجيلها)، له أن يعطي عينة صغيرة حول مدى دخول متغيرات سياسية على مستوى الكتل الناخبة، وحول ما يحكى عن متغيرات حاصلة على مستوى المزاج الشعبي، الذي عاد إلى تفضيل الأحزاب التقليدية على تلك الوليدة.
ولهذه الفرضية أن تحدث تغييراً جوهرياً في الخريطة النيابية الحالية.