كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
كان لافتًا، بيان السفارة الأميركية في لبنان، حول إطلاق النار عليها قبل أسبوع من شخص سوري الجنسية، ومسجّل كنازح، في مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، إذ حصرت الحادثة به كفرد، وليس مجموع النّازحين السّوريّين الّذين يطالب لبنان في كل مؤسساته الرسمية، والهيئات والجمعيات والمراجع السياسيّة والروحية، بعودتهم الآمنة إلى سوريا، وأن تقوم الأمم المتحدة بواجباتها الإغاثية والإنسانية والصحيّة والتربويّة تجاههم، في بلدهم الذي أصبح في مساحات واسعة منه آمنًا.
فالبيان تعبير عن موقف سياسيّ لكل من أميركا ودول في الاتحاد الأوروبي، يرفصون عودة النّازحينَ السوريّين الآمنة، ويريدونها طوعيّة، لا بل هم لا يريدونها، قبل أن يسلم النظام السوري، بحقوقهم السياسيّة، ومطالبهم الإصلاحية، ودورهم في السلطة، التي لم يتمكّن من يسمّون "ثوارًا"، من إسقاط الرئيس بشار الأسد من الحكم، ولا فرض التنحية عليه، وهو سبق له وتجاوب مع مطالب المعارضة الفعلية، وفتح حوارًا مع مجموعة منها، لم تلجأ إلى العنف والسلاح، الذي لجأت إليه مجموعات دعت إلى إسقاط الرئيس الأسد بالقوة العسكرية، أو عبر انقلاب ينظّمه ضباط، باعوا أنفسهم للخارج، وأنشأوا ما سمّي "الجيش السوري الحر" الذي ترعاه تركيا ودول أخرى، ولم يتمكن من إحراز أي نقاط على النظام، وفرغت الساحات لجماعات إرهابية، كتنظيم "داعش" و"جبهة النّصرة" وهم يسيطرون على المناطق الخارجة عن سلطة الدولة السورية، ومحصورة في مناطق شمال وشرق سوريا.
فتبرئة النّازحينَ السوريين من الهجوم على السفارة الأميركية، كي لا يستخدم ورقة من قبل لبنان، للمطالبة أكثر في إيجاد حل لهؤلاء، الذين سبق لوزير شؤون المهجرين عصام شرف الدين أن صرّح أنّ بين النّازحين حوالي عشرين ألف مسلّح، في وقت كشفت تقارير أمنيّة رسمية، عن أن في بيئة النّازحين تنمو الأفكار الإسلامية المتطرفة، وهؤلاء يشكّلون "خلايا نائمة" للمجموعات الإرهابية، ومنهم منفّذ الهجوم المسلح على السفارة الأميركية، التي لم تتجاوب مع لبنان، لتنظيم إعادتهم، حتّى أنّ مؤتمر "بروكسيل" الذي انعقدت بشأن سوريا قبل نحو أكثر من أسبوعي، لم يتجاوب مع خطة لبنان، التي حملها وزير الخارجيّة عبدالله بو حبيب إلى المؤتمر، وهي توصية أقرها مجلس النّواب كي تعمل بها الحكومة، ويحمل إجماعًا لبنانيًّا حول عودة النّازحينَ.
فالإدارة الأميركيّة، لم تعط لبنان، حق المطالبة بعودة النّازحينَ السوريين، واعتبر المسؤولون اللّبنانيّون، أن حادث إطلاق النار على السفارة الأميركية، سيعطيهم ورقة لاستخدامها مع الدول، للتأكيد على خطورة بقاء النّازحين السّوريّين في لبنان، على كل المستويات والصعد، ماليًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا وأمنيًّا وديموغرافيًّا، وأن يكون وجود النازحين، مادة لإشعال فتنة بين اللبنانيّين والسوريين، إضافة إلى أن دولًا تمسك بورقة النّازحين، للجوء إليها عند الحاجة، لأخذ مطالب من لبنان، كما من القيادة السورية.
فبيان السفارة الأميركيّة، أظهر ما تخطط له الدول بشأن استخدام النّازحين السّوريّين، الذين فعلًا وعمليًّا، لا يتحملون المسؤولية عم حادث إطلاق النار على مبناها، إنما الهدف من صك البراءة الأميركيّة، لا يصب في ضرورة تنظيم النّزوح السّوري، الذي يطلبه لبنان.
وسبق للسفارة الأميركية أن تدخلت مع "القوات اللبنانيّةِ" لضبط تحرّكها في الشارع الذي قامت به بعد مقتل مسؤولها في جبيل باتريك سليمان، والذي تبين أن حادث الخطف والقتل، ليس سياسيّّا، بل مرتبط بالفدية، والجريمة جنائية، فطلب من سمير جعجع أن ينسحب من الشارع، الذي حرّكه، لأن النّزوح السّوري، هو ورقة دوليّة وتحديدًا أميركية.