طارق ترشيشي_خاصّ الأفضل نيوز
ليس مؤكدًا بعد لدى الأوساط السياسية أن لقاءً سيعقد هذا الأسبوع في باريس بين الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان ونظيره الأميركي آموس هوكشتاين، وهو في حال انعقاده فإنه قد لا يقدم ولا يؤخر في شأن الأزمة اللبنانية بشقيقها الحدودي والرئاسي.
وعلى الصعيد الحدودي الذي يتولى هوكشتاين الوساطة فيه، لم يحصل أي تقدم بعد إذا اصطدمت مهمته بموقف حزب الله الذي يرفض البحث في أي ترتيبات في شأن تنفيذ القرار الدولي1701 قبل أن توقف إسرائيل حربها التدميرية على قطاع غزة، وقد اقتنع الرجل بهذه المعادلة وأقرَّ بواقعيتها أمام رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال زيارته الأخيرة للبنان والتي عاد منها إلى إسرائيل ليسمع من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ردًا سلبيًا على ما حمله إليه من لبنان، فرد عليه بإبلاغه تحذيرًا أميركيًا "صارماً" من الإقدام على توسيع الحرب في اتجاه لبنان ثم أقفل عائدا إلى واشنطن بعدما كان متوقعا أن يعود إلى بيروت مجددًا، قبل أن يبدأ بعض السياسيين بإشاعة معلومات مفادها أنه سيعود إلى لبنان عن طريق إسرائيل، ولكن لم تظهر أي مؤشرات إلى هذه العودة بعد.
أما على الصعيد الرئاسي فإن زيارة لودريان الأخيرة في لبنان مُنيت بالفشل الذريع، ليشاع بعدها أن مهمة اللجنة الخماسية العربية ـ الدولية التي جاء لودريان موفدًا لها ولرئيسه إيمانويل ماكرون قد انتهت ليستدرك السفير السعودي في لبنان وليد بخاري أخيرا بالتأكيد أن المجموعة مستمرة في مهمتها لتقريب وجهات النظر بين الأفرقاء اللبنانيين لتمكينهم من الاتفاق على انتخاب رئيس جمهورية جديد.
أي هدف من اللقاء المحكى عنه بين لودريان وهوكشتاين؟
يقول مصدر معني بالاستحقاق الرئاسي أن هناك تنسيقا دائما بين واشنطن وباريس حول قضايا المنطقة عمومًا وقضايا لبنان خصوصا وقد تعزّز هذا التنسيق أكثر فأكثر منذ عملية طوفان الأقصى حيث اتخذ الجانبان مواقف داعمة لإسرائيل بقوة في الحرب التي تشنها على قطاع غزة منذ ذلك الحين، وكذلك في مواجهة حرب الإسناد التي يشنها حزب الله والمقاومة على جبهة لبنان الجنوبي لنصرة غزة وتخفيف الضغط العسكري الإسرائيلي عليها . ففي اتجاه غزة هناك تأييد أميركي وفرنسي للحرب التي تشنها إسرائيل هناك وترتكب فيها المجازر اليومية بحق الفلسطينيين. وفي المقابل وفي اتجاه لبنان هناك سعي أميركي ـ فرنسي للضغط عليه وعلى حزب الله لكي يوقف إطلاق النار والتزام موجبات القرار الدولي 1701 تحت طائلة أن إسرائيل ستشن حربا واسعة النطاق على لبنان. ولكن بين الأمرين تدعو واشنطن وباريس تل أبيب إلى عدم تنفيذ تهديدها بتوسيع الحرب واجتياح جنوب لبنان لئلا يتسبب هذا الأمر بحرب إقليمية واسعة في المنطقة تشارك فيها سوريا والمقاومة العراقية وحركة أنصار الله الحوثية وإيران التي أبلغت إلى تل أبيب عبر أكثر من قناة أنها لن تقف مكتوفة إذا حاولت إسرائيل اجتياح لبنان للقضاء على حزب الله الذي يشكل بالنسبة الى إيران "درة التاج" في محور المقاومة، بحيث أنها لن تتردد في تكرار ردها الذي حصل ليلة 24 نيسان الماضي الذي أمطرت فيه إسرائيل بمئات من الصواريخ البالستية والمسيرات البعيدة المدى ردًا على قصف القنصلية الإيرانية في دمشق ومقتل مسؤولين كبارا من "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني.
ويقول المصدر المعني أن لقاء هوكشتاين ـ لودريان إن حصل فلن يحقق أي نتائج ملموسة لا على مستوى المبادرات ولا على مستوى الرئاسيات. إذ لا تقدم متوقعًا حصوله وشيكا أو قريبا على مستوى إنجاز الاستحقاق الرئاسي، لأن كل المعطيات تشير إلى أنه سيتأخر أقله إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية المقرّرة في 5 تشرين الثاني المقبل خصوصا وأن مواقف الأفرقاء اللبنانيين من هذا الاستحقاق لم تتقدم قيد أنملة إيجابا، فكل منهم يريد الحوار في شأنه على طريقته وبما يخدم مصلحته، وهم ينقسمون إلى ثلاثة أفرقاء:
ـ فريق يريد للحوار أن يكون ثنائيا أو ثلاثيا ولا يكون لرئيس مجلس النواب نبيه بري أي دور فيه من حيث الدعوة إليه أو من حيث رئاسته وإدارة جلساته بحيث يشارك بري فيه ممثلا كتلة "التنمية والتحرير" التي يرأس، وأن ينتهي هذا الحوار بالذهاب إلى جلسة انتخاب تتخللها دورات اقتراع مفتوحة حتى يتم انتخاب رئيس، وتتصدر "القوات اللبنانية" هذا الفريق.
ـ فريق يؤيد انعقاد الحوار بأي صيغة كان وبرئاسة بري وإدارته توصلاً إلى اتفاق على انتخاب "مرشح ثالث" أو ما يسميه البعض "الخيار الثالث" بحيت ينتهي في هذه الحال ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وغيره من المرشحين المعلنين. ويتصدر"التيار الوطني الحر" هذا الفريق الذي لا يلتقي مع الفريق الأول إلا على معارضة ترشيح فرنجية.
ـ فريق يؤيد انعقاد الحوار بأي صيغة بشرط أن يدعو إليه بري ويرأسه كونه رئيس المجلس النيابي الذي هو المكان الطبيعي لأي حوار بين اللبنانيين على أن ينعقد هذا الحوار في مقر المجلس أو أي مكان آخر على الأراضي اللبنانية. وهذا الفريق يضم الثنائي الشيعي وحلفاءه الذين يدعمون ترشيح فرنجية ويدعون إلى خوض الانتخابات بالتوافق واذا تعذّر ذلك فبالمنافسة الديموقراطية ويرفض دعوات الآخرين له إلى التخلي عن دعم ترشيح فرنجية الذي يعتبره حق دستوري وديموقراطي له.
في ضوء هذه المعطيات ـ المواقف ترى المصادر المعنية أنه لن يكون هناك إمكانية لانتخاب رئيس جديد في المدى القريب، اللهم إلى إذا حصلت معجزة وحصلت تبدل في المواقف فرض على الأفرقاء انتخاب رئيس بالتوافق أو التنافس.
وتتخوف هذه المصادر من صيرورة البلاد الى ما يقوله نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب من أنه إذا لم يتم انتخاب رئيس للجمهورية في خلال شهر من الآن كحد أقصى فإن جميع الدول التي كانت حتى الآن تساعد أو تسهل أو تتدخل لتسهيل انتخاب رئيس ستصبح معنية بانتخاباتها الداخلية وبالتالي قد تنتهي مدة المجلس النيابي الحالي من دون أن ينتخب رئيساً للجمهورية، وإذا لم ينتخب هذا المجلس رئيساً لن يُجري انتخابات نيابية في المستقبل، وقد نرى أمام المواطنين طلبات واقتراحات قوانين للتمديد للمجلس النيابي الحالي".