طارق ترشيشي - خاصّ الأفضل نيوز
إذا صح أن موفدا عربيا خليجيا غير قطري زار لبنان قبل أيام وجال على بعض المعنيين بالاستحقاق الرئاسي مستطلعا جديد المواقف اللبنانية في شأنه، فإن ذلك يعني أن ثمة إرادة خليجية جدية بدأت تتبلور في اتجاه المساعدة على إنجاز الاستحقاق الرئاسي اللبناني في أقرب وقت بعد ابتعاد طويل عن التعاطي المباشر معه.
وربما تستند هذه الإرادة الخليجية إلى معطيات متينة مفادها أن الحرب الإسرائيلية المُحكى عنها لن تتوسع في اتجاه لبنان وغيرها وأن ما يصدر عن إسرائيل من تهديد لا يعد كونه تهويلا غايته التخفيف من وطأة حال الاستنزاف التي تتعرض لها على يد المقاومة على جبهة لبنان الجنوبية التي تعوق اندفاعتها الإجرامية في قطاع غزة .
وفي الأغلب الأعم أن هذا الموفد الخليجي زار لبنان، لأن ما يشير إلى زيارته هذه هو مقربون من بعض المراجع السياسية، ولكنهم رغم إطلاعهم على مهمته ومضمون بعض اللقاءات التي عقدها يؤكدون أن الاستحقاق الرئاسي ما زال في أدنى درجات الاهتمام الخارجي به، ويكاد أن يكون في مرتبة الصفر من هذا الاهتمام. ولكن هؤلاء المقربين وعلى رغم كل ما يجري من تدخلات، أو على الأقل اهتمامات خارجية بهذا الاستحقاق سواء عبر المجموعة الخماسية العربية الدولية أو عبر بعض دولها مفردة، يعتبرون أن كل هذه التحركات تبقى بلا أي قيمة أو فعالية ما لم يتبلور توجه جاد وعملي لدى المملكة العربية السعودية للمساعدة في هذا الاتجاه لأن الرياض على رغم تدخلات بقية أعضاء المجموعة الخماسية تشكل دائما الرافعة الحقيقية للوضع اللبناني ولدعم لبنان في مختلف استحقاقاته، وهي التي عادةً ما تجذب الآخرين إليها لمشاركتها هذا الدعم، وهذا الأمر معروف عنها تقليديا وتاريخيا منذ نشوء العلاقات اللبنانية ـ السعودية في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، وتحديدا منذ تأسيس الملك عبد العزيز دولة المملكة العربية السعودية.
ويؤكد المقربون من المراجع الذين لا يستبعدون أن يكون هذا الموفد الخليجي سعودياً، أن كلمة السر في الاستحقاق الرئاسي هذه المرة لن يكون مصدرها إلا الرياض على رغم من الموقف الذي تتخذه منه وتكرره يومًا وهو أن انتخاب الرئيس اللبناني هو شأن داخلي على اللبنانيين بأنفسهم وفيما بينهم وأن يحافظ على اتفاق الطائف الذي كان أكد أن ينتخبوه بأنفسهم وأن يحافظوا على اتفاق الطائف الذي، النواب اللبنانيون توصلوا إليه برعايتها في مؤتمر الطائف عام 1989 لأنه المؤتمن على وحدة لبنان واستقلاله.
على أن الملاحظ أن زيارة هذا الموفد الخليجي للبنان تزامنت مع حراك "نواب قوى المعارضة" في شأن المبادرة الرئاسية ذات الاقتراحين التي طرحوها في الآونة الأخيرة ويستمرون في طرحها في اللقاءات التي يعقدها وفد منهم مع مختلف الكتل النيابية ولم يبقى أمامهم منها إلا لقائهما المنتظرين مع كل من كتلتي التنمية والتحرير" و"الوفاء للمقاومة"، في ظل مؤشرات تدل إلى أن هذه المبادرة ستلقى مصير سابقاتها فهي لقيت تجاوب البعض وعدم تجاوب البعض الآخر. علما أن الموقف الذي ينتظر أن يتبلغه أصحاب المبادرة من هاتين الكتلتين لن يكون قبولا بهذه المبادرة وإنما سيكون منطلقا من ثوابت موقفها المعروف من الاستحقاق الرئاسي والتي يلخصها قطب نيابي بارز قريب منهما في أنهما من حيث المبدأ ترحبان بأي حوار بين اللبنانيين في مختلف القضايا الرئاسية وغيرها، وأن هذا الحوار مكانه الطبيعي هو المجلس النيابي وأن رئيس المجلس هو الذي له صلاحية الدعوة الى هذا الحوار ورئاسته وإدارته، وأنه وإذا كان المطروح الآن حوار في شأن الاستحقاق الرئاسي فينبغي أن يحصل هذا الحوار في المجلس النيابي برئاسة رئيسه، ولا ينبغي أن يكون هناك رفض له من أي فريق خصوصا وأنه ليس حوارا لاختيار رئيس الجمهورية وإنما هو حوار من أجل التوافق على انتخاب رئيس الجمهورية ضمن الأطر الدستورية المرعية الإجراء. كما هاتين الكتلتين ليستا في وارد التعاطي هذا الحوار على أساس أنهما تريدان منه فرض مرشحهما الذي هو رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية أو أي مرشح آخر يمكن أن تؤيدانه في حال انسحاب فرنجية من السباق الرئاسي، وهو أمر مستبعد في أي حال.
وفي رأي المقربين من بعض المراجع السياسية أن الكتل النيابية على اختلافها مهما صالت وجالت في أفق الاستحقاق الرئاسي فإن مرجوعها سيكون إلى مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري لأنه ثبت بالملموس لكل المشتغلين بهذا الاستحقاق منذ ما قبل نشوء المجموعة الخماسية العربية ـ الدولية وبعدها أن هذه المبادرة هي المعبر الالزامي لتأمين انتخاب الرئيس الجديد عبر توافق مختلف القوى والكتلة السياسية والنيابية على كل ما يؤدي إلى اتفاق في ما بينها على هذا الانتخاب توافقًا على مرشح واحد أم تنافسًا بين مرشحين اثنين أو أكثر.