جو لحّود- خاصّ الأفضل نيوز
هل نبحث عن لبنان؟
هل يبحث اللبنانيون على مختلف أطيافهم عن بلدهم؟
الإجابة وبكل ثقة هي نعم.
نعم الجميع في لبنان يبحث عن المساحة المُشتركة التي تلم اللبنانيين وتجمعهم في ساحة واحدة وفي رؤية موحّدة فيكون النتاج بلداً صغيرًا في المساحة لكنه ينتشر على طول الخريطة العالمية موزّعا الفكر والعلم والأهم مبادئ العيش الواحد التي لو أحسن اللبنانيون استخدامها لتحوّلوا إلى مختبر حقيقي تدرّس يومياته كنموذج لتقبل الاختلاف وهي قيم ينادي بها الغرب لكنه يطبقها بغير مكانها فتتحوّل إلى مهزلة تمامًا كما شهد العالم في افتتاح الأولمبياد في باريس.
دعونا من باريس ومما حصل ويحصل هناك، البوصلة اليوم هي نحو بكركي، مقر البطريركية المارونية في لبنان لفصل الشتاء منذ العام 1823.
واللافت أن مقر بكركي وعند اختياره، اعتمد كمقر تابع للكرسيّ البطريركي في قنوبين، ومن هنا ما زال توجه البطريرك المارونيّ سنويا إلى الديمان خلال فصل الصيف، يحمل رمزية الترابط بين المكانين بما يمثلان من ثقافتين الأولى متعلقة بالصمود والثانية بالانتشار والتوسّع.
وبعيداً عن السرد التاريخيّ المخبئ في طياته عبرًا كثيرة على ما يبدو لم يستفد منها اللبنانيون بشكل عام ولا المسيحيون والموارنة بشكل خاص، لا بد من العودة إلى حدث اليوم.
البطريرك إسطفان الدويهي طوباويًا على مذابح الكنيسة الجامعة، وإعلان طوباويته سيكون من لبنان، من بلده الأم الذي يحتاج اليوم إلى من يملك القدرة على المواجهة تيمّناً بالدويهي الذي رفض عظمة روما واكتفى بأن يحمل رسالة الدفاع عن الحق معلّمًا وكاهنًا وأسقفًا ومن ثم بطريركًا في أرض لبنان.
الحدث الاستثنائي يدفعنا للذهاب إلى الثوابت، والثوابت هنا لا نعني بها المسيحية وحسب إنما تلك الوطنية التي أراد الموارنة يومًا أن يحملوها معهم من قنوبين ويزرعوها في كلّ لبنان ما مكّنهم من عيش الشراكة وبناء وطن ليس بشكل انفراديّ كما يحلو للبعض أن يدّعي إنما بشكل جماعي وتشاركيّ.
واليوم ومع تطويب البطريرك دويهي قد يكون من المجدي أن يتذكر المسيحيون في لبنان الثوابت القنوبية، وعبارة قنوبية مأخوذة من قنوبين، وهو المكان الذي اكتنز منه الدويهي روحانيته وصلابته ووطنيته.
في الشكل قد تكون الثابتة الأولى هي التعلّق بالأرض والثبات فيها، ومع هذه الظروف الصعبة البحث في هذا المجال يطال المسؤولين المدنيين والزمنيين وليس المواطنين عينهم.
ماذا تفعلون للحفاظ على الوجود في لبنان؟ ماذا تفعلون حتى يبقى لبنان متنوّعا فلا يخسر ميزته ويمسي كما باقي المحيط؟
والثابتة الثانية هي تلك التي تشبه شكل الوادي المقدس في قنوبين، هذا الوادي " المقلوب"، الذي وبعكس كلّ الأودية ينبع من الأسفل نحو الأعلى، وكأنه يرفض الهبوط ويهوى الارتفاع والارتقاء والتقدّم والتطوّر.
فماذا تفعلون للحفاظ على لبنان المدرسة والجامعة والعلم والثقافة والمعرفة؟
أما الثابتة الثالثة، فهي المتعلقة بامتداد قنوبين الذي يبدأ من أعالي الجبال وينتهي بمجاورة المدن والمناطق الساحلية، وهذا ما فعله الموارنة من سنوات كثيرة، إذ لم يتخلّوا عن جبالهم لكن أيقنوا أن العالم يحتاج إلى حوار وتواصل وانفتاح.
فماذا تنتظرون لمحاورة بعضكم البعض لإنتاج بلد من جديد قبل إنتاج رئيس جديد؟
ومع التساؤلات وعلامات الاستفهام، رسالة سماوية اليوم إلى كلّ لبنان... فهل يتلقّفها أصحاب القرار أم أن مكانك راوح هو حال لبنان واللبنانيين؟