عبدالله قمح - خاصّ الأفضل نيوز
بدا واضحاً خلال الساعات المنصرمة أن وتيرة العمليات العسكرية في الجنوب في تصاعد مستمر وضمن مسار من الواضح أنه يرتقي أكثر فأكثر على سلم السخونة لكنه يبقى، إلى الآن، محكوم بضرورات العمل تحت سقف الرد المرتقب من المقاومة.
سجلت الساعات الماضية إذًا تطورات عسكرية لافتة.
مضى حزب الله صوب إجراء تبدل موضعي في القواعد المعتمدة، ومال إلى قصف مناطق حيوية في الجولان السوري المحتل رداً على الاعتداءات الإسرائيلية في البقاع. وبدا واضحاً أن المقاومة تعمدت تحقيق ضربات معينة وتطبيق نوع من استراتيجية الأذى. وقد فسر ذلك على أنه نوع من الرسائل التي يتقصد إبلاغها إلى العدو حول قدرات المقاومة واحتمال أن تذهب إلى إجراء تعديلات على مستوى الضربات بحيث تصبح أكثر إيلاماً.
وقد يقرأ هذا السياق على أنه نوع من الردع في محاولة من المقاومة لإبقاء خطوط المواجهة كما هي سارية، أي وفق إقناع بالتصعيد المضمون ومن دون إتاحة الفرصة للعدو كي يذهب صوب توسيع المعركة، رغم أن المقاومة ومن خلال مجاراة السياق العملاني على الأرض، يبدو أنها تمتلك الأدوات التي من شأنها التسبب بالكثير من الأذى للعدو، لكنها تبقيها في منأى حاليا عن الاستخدام، لكونها سبق لها وقدمت تقديرا حالياً لمستوى الجهد العسكري الذي تقدمه المقاومة.
على أي حال ومن اللافت أن المقاومة عدّلت في برنامج المسافات المعتمدة للقصف. ففي سياق استهداف بعض القواعد العسكرية في محيط مدينة صفد المحتلة شمالي فلسطين، تعمدت المقاومة استهداف مواقع "لوجستية" خاصة ببعض الوحدات العسكرية العاملة في الشمال، فيما ذهبت إلى استهداف مواقع أخرى تبعد عن الحدود اللبنانية حول 20 كيلومتراً للمرة الأولى، وذلك في اعتماد على مقاييس المسافات التي نفذ العدو فيها ضربات استهدفت قرى ومواقع واغتيالات في الجنوب.
بدوره ذهب الجيش الإسرائيلي إلى الرد بالمثل، لكنه اختار هذه المرة إجراء تبديل و تعديل قواعد التعاطي، مفضلاً الرد على قصف القواعد العسكرية في محيط صفد بضرب قواعد عسكرية للمقاومة في البقاع، في تجاوز واضح لمعيار كان قد سبق له أن أرساها وعمل بموجبها تمثل ذلك في اعتماد سياق الرد على استهداف الجولان في البقاع وليس غيره.
استهداف البقاع بشكلٍ متتالي وعلى مدى يومين من قبل العدو الإسرائيلي لا يرتبط فقط بسياق ردود فعل عسكرية إسرائيلية على فعل عسكري فقط، إنما درجت العادة أن يعمل العدو، خلال فترات سخونة المفاوضات تحديداً، أن يرمي بأوراق معينة تمثل ضغوطاً ليس على المقاومة وإنما على الجهات الدولية التي تدعم مسار التفاوض الحالي الجاري بين الدوحة والقاهرة أو تديره، من بينها الولايات المتحدة، حيث يتعمد العدو الإيحاء باستعداده للذهاب بعيداً في خيارات توسيع المعركة معتقداً أنه يقوم بتعديل ميزان خيارات الداعمين لخيارات التفاوض. وثمة من يقول أن تل أبيب تستفيد عادة من رغبة المقاومة عدم توسع نطاق الحرب واللجوء إلى ردود فعل مضبوطة تحت سقف الحرب مع مراعاة عدم توفير ذرائع للعدو للمضي قدماً، حتى يذهب بعيداً في ردوده، وهو ما لمس في الواقع خلال الساعات الماضية، في دلالة واضحة على تعمد تكريس نوع من الرسائل، ترافقت الضغوطات العسكرية الإسرائيلية وارتفاع سخونة تبادل القصف عند الحدود، بتسيير إشاعات على بعض الشاشات المحلية على شكل معطيات ادعى البعض امتلاكها حول ساعات أو أيام فاصلة عن توسع المعركة باتجاه حرب كبرى تبادر إليها إسرائيل. ليتبين فيما بعد أن مصدر هذه المعلومات فرنسي – أميركي على وجه الخصوص، إذ عمل صحافيون ومقربون من الطرفين طيلة الأيام الماضية على تسويق مثل هذه المضامين زاعمين أنها مبنية على "مصادر معلومات دبلوماسية". وفي اعتقاد مصادر متابعة لمسار المفاوضات، أن هذا الكلام يندرج من ضمن مسار الضغوطات التي تتزامن والدخول في الجولة الثانية من التفاوض، حيث يعمل على تضخيم الأحداث على نية استخدام نتائجها كأوراق تفاوض.