ميشال نصر - خاصّ الأفضل نيوز
في الخارج حركة دبلوماسية ناشطة نفضت الغبار عن الملف الرئاسي اللبناني، بعد اجتماع لودريان والعلولا، والذي أعطى إشارة الانطلاق الخماسية في باريس لتفعيل محركاتها مع انتصاف شهر أيلول، استنادا إلى مجموعة من العوامل المستجدة. أما في الداخل فضياع وتوهان في دوامة التراشق الإعلامي بين الأطراف ، والجدل البيزنطي حول ما الذي سيسبق، الحوار أم الانتخاب
مصادر سياسية على تواصل مع الإدارة الأميركية كشفت، أن الجو الأقرب إلى الواقع في واشنطن لدى الجمهوريين كما الديموقراطيين، بدا "يتقاطع" ويميل إلى وجهة النظر القائلة بتثبيت الربط بين الساحتين اللبنانية والفلسطينية، انطلاقا من أمرين أساسيين:
– التداعيات السياسية للعملية العسكرية في غزة والتي ستستمر حتى نهاية العام، وإن بشكل مختلف، وفقا للتوقعات، وبالتالي فإن التسوية على الأرض وشروطها في الجنوب اللبناني، ستكون نسخة طبق الأصل عن الترتيبات التي سيشهدها قطاع غزة، من هنا فإن روحية القرار ١٧٠١ لا زالت صالحة، للمرحلة القادمة، وقد يتم استنساخها وتطبيقها في غزة، وهو ما كشف عن جزء منه البنتاغون، حين تحدث عن قوة حفظ سلام في القطاع.
فالطريق الوحيد لإبقاء القرار 1701نافذ المفعول، والانتقال من مرحلة “توقف العمليات العدائية” إلى “وقف دائم لإطلاق النار”،وفقا لأوساط سياسية، لا يمكن أن يكون إلا في حال العودة إلى روحية هذا القرار ومحاضر المفاوضات، بعيدا عن اللغة العربية ومفرداتها، التي صيغت لإضفاء طابع ديبلوماسي على القرار يومذاك برغبة دولية، وإلا فإن الأمور ذاهبة نحو تعديلات جذرية على صيغته إن لم يكن تطييره.
وهي الخلاصة التي خرج بها كل من مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان والموفد الأميركي إلى المنطقة آموس هوكشتاين، من محادثته مع مسؤول إسرائيلي رفيع منذ يومين، حيث أصرت تل أبيب على إيجاد آلية جدية تسمح بالتحقق من انسحاب حزب الله من منطقة جنوب الليطاني، وإلا سيترتب على واشنطن تأمين الدعم السياسي والعسكري اللازمَين لتنفيذ عملية عسكرية كبيرة على الجبهة اللبنانية ، تقود إلى قرار دولي جديد، بقواعد اشتراك مختلفة.
– استنادا إلى النقطة الأولى، فإن هذه التسوية الحدودية تفترض وضعا سياسيا وتسوية داخلية تحفظها، أقلها توازن في الحكومة وبيانها الوزاري، وهو أمر يحتم إما تعليق انتخاب رئيس للجمهورية إلى حين “تستوي طبخة الحلول” على يد طباخها الأميركي، الذي يرجح أن يكون جمهوريا، مع ما يعنيه ذلك من سقوط للخيار الثالث، لتصبح المواجهة بين مرشحي المحورين،وإما الإسراع والاستفادة من فرصة الهدنة التي يمكن أن تقر في غزة، من جهة، وخطوط الرسائل المفتوحة بين واشنطن وطهران، لتمرير انتخاب رئيس في لبنان، وهو أساس المبادرة الفرنسية الجديدة، والتي ترتكز إلى فصل الأطراف اللبنانية المعنية بين انتخابات الرئاسة وحرب غزة، فظروف المعركة المستجدة أخرجت جميع الأسماء من اللعبة، باستثناء واحد، قد تكون قوته نابعة من الملفات التي يديرها نفسه، و “البروفايل” الذي يتمتع به، إذا ما أجاد السير بين الألغام.
وتابعت المصادر أن لا رحلات دولية إلى بيروت لموفدين أو مبعوثين دوليين، في الوقت الراهن، بعدما أنجزت المهمات المطلوبة كلها، وبعد الاصطفاف الأوروبي والدولي والعربي، خلف الخيار الأميركي، ذلك أن لعبها في الوقت المتبقي من ولاية الرئيس بايدن من خارج العباءة الأميركية، سيعرّض مصالحها لأضرار كبيرة.
وعليه رأت المصادر، أن خطورة الرؤية الأميركية الجديدة، تكمن في القراءة الجمهورية للوضع، حيث يرى أحد أبرز الصقور الجمهوريين أن عهد أوباما في السلطة "خربط" التوازنات في المنطقة، ومنها لبنان، معتبرا أن خروج بايدن اليوم سيسقط قواعد اللعبة القائمة، لأن توجه الإدارة الجمهورية المقبلة واضح في ما خص لبنان، إذ لن يكون لواشنطن شريك فيه، فبيروت كما كانت شريكا استراتيجيا في الحرب على الإرهاب، هي ضرورية وأساسية للأمن القومي الأميركي، حيث لم يفقد لبنان أهمية دوره الجغرافي رغم كل ما يقال.
وختمت المصادر، بأن التصور الأميركي الديمقراطي مبني راهنا على أن القيادة الإيرانية الجديدة اضطرت بحكم الأمر الواقع للذهاب نحو اعتماد سياسة أكثر ليونة، وفقا لما بينته الأيام الماضية، في موازاة “فورة” اليمين “الإسرائيلي”، ما أعطى إشارة الانطلاق للانتقال إلى المرحلة الثانية في الصراع الخفي الأميركي – الإيراني، حيث وضعت ملفات المنطقة على الطاولة، أملا بتحقيق إنجاز ما قبل تشرين الثاني، يسهل معركة المرشحة كامالا هاريس.

alafdal-news
