عبدالله قمح - خاصّ الأفضل نيوز
على هامش الاشتباك الحاصل في وزارة الدفاع ومع قرب انتهاء الولاية الممدّدة لقائد الجيش العماد جوزاف عون، يستعاد طرح الأدبيات المستمدة من العام المقبل، و "يضيع الشنكاش" بين ضرورات التمديد للمرة الثانية لقائد الجيش بما قد يشمل مراكز عسكرية وأمنية أخرى، وبين إجراء تعيينات ضرورية على رأس المؤسّسة العسكرية.
لا يبالغ مرجع سياسي كبير حينما يعتبر أن الوضع السائد حالياً في المؤسسات العسكرية والأمنية لم يعد مقبولاً لجهة استمرار الأشخاص أنفسهم من دون أي تغيير منذ سنوات طويلة، مما جعل من أجهزة معينة على رأسها الجيش، أشبه بـ"دور عجزة"، حيث يبلغ أصحاب رتبة "العمداء" وحدهم في الجيش أكثر من 750 عميداً في مؤسسة يجمع الخبراء أنها لا تحتاج لأكثر من 200 عميد، فيما الرقم مرشح للازدياد خلال الفترة المقبلة مع بلوغ ضباط آخرين أحقية الترقية إلى رتبة عميد، وسط تقديرات ترجح أن العمداء سيبلغون في المؤسسة العسكرية وحدها الـ1000!
هذا الخلل ناشئ عن افتقاد القدرة على إجراء تغييرات في المؤسسة العسكرية. ونظراً للوضع الحالي حيث لا وجود لرئيس الجمهورية ووسط الخلاف المستشري حول وضعية حكومة تصريف الأعمال وقدرتها على التعيين، تنحصر الحلول في خيارات التمديد بما يعني استمرار حالة "التضخم" على صعيد الضباط.
هذه الحالة تدفع بمرجعيات سياسية إلى فتح المجال أمام حلول استثنائية، من ضمنها التفكير في كيفية إجراء تعيينات عسكرية وأمنية من خلال مجلس الوزراء، علماً أن وزير الدفاع موريس سليم بصفته معنياً بوضع قيادة الجيش، سبق له أن أيّد مثل هذه الخطوة، لا بل مضى في العام الماضي نحو تحضير لائحة بأسماء أشخاص مستحقين للتعيين في قيادة الجيش رئاسة الأركان وعضوية المجلس العسكري، غير أنه أسقط يومذاك على يد بكركي التي اعتبرت أن التعيين لا يجوز في ظل الشغور في موقع رئاسة الجمهورية، علماً أن التقديرات يومذاك ارتبطت ليس بأسباب دستورية إنما وظائفية، تتصل بطموح بكركي دعم قائد الجيش العماد جوزاف عون للوصول إلى قصر بعبدا.
على أي حال تستعاد الكرة مرة أخرى في هذا الموسم، مع إبداء "الوزير" رغبة في الذهاب مجدّداً نحو ترويج احتمالية التعيين في مجلس الوزراء، مع إبدائه الاستعداد للمشاركة في جلسة حكومية، على الرغم من قراره وقرار التيار الوطني الحر المحسوب عليه بمقاطعة جلسات مجلس الوزراء. ولأجل ذلك أجرى سليم ويجري جولات تندرج في هذا الإطار، فهل تقف بكركي في المرصاد مرة أخرى؟
وفي مقابل العمل الجاري على محاولة توفير ظروف تغيير بما ينعكس إيجاباً على المؤسسة العسكرية، تعمل بعض الجهات الرقابية على وضع العصي في الدواليب، بما يوحي أنها توفر ظروفاً إيجابية ترفع معها احتمالات التمديد على الخيارات الأخرى.
وخلال الأيام الماضية، استطاع "مجلس شورى الدولة" البت في قرار الوزير سليم التمديد للعضو المتفرغ في المجلس العسكري بيار صعب عاماً إضافياً بعد مراجعة طعن تقدم بها قائد منطقة جنوب الليطاني العميد إدغار لوندس، بحيث أصدر "المجلس" قراره بوقف تنفيذ القرار، مما يعني توفير ظروف إحالة صعب إلى التقاعد في 27 من الشهر الجاري، رغم أنه تقدم بالـ20 من الشهر الماضي بطلب تدخل أمام "شورى الدولة".
غير أن قرار "شورى الدولة" كان محل استغراب مصادر قانونية، بحيث أن وزير الدفاع موريس سليم كان قد تقدم بمراجعة طعن إلى المجلس نفسه خلال شهر شباط الماضي رداً على تعيين مجلس الوزراء لرئيس الأركان حسان عودة وترقيته إلى رتبة لواء باعتيار أن القرار اتخِذ في غياب وزير الدفاع المقاطع للجلسات، من دون أن يقوم المجلس بتعيين جلسة للبت في الطعن المقدم من الوزير .
كذلك ثمة تساؤلات تطرح حول السبب الذي أدى بـ"لاوندس" إلى تقديم "مراجعته" بعد نحو 50 يوماً على صدور قرار وزير الدفاع، في حين تتعمق الأسئلة لتأخذ منحى آخر، يرتبط في أن لاوندس لا يعد مستفيداً أول من قرار التمديد وليس متضرراً من جرائه، ويرجح أنه قد تم إقناعه بتقديم المراجعة لإسقاط قرار الوزير، فيما يتردد أن اختيار لاوندس بالذات يأتي بسبب امتناع ضباط كاثوليك آخرين عن أداء هذا الدور.