طارق ترشيشي - خاصّ الأفضل نيوز
يقول مصدر مطلع على الموقف الأميركي أن الرئيس جو بايدن لا يمكنه عقد اتفاق منفرد مع حركة "حماس" في شأن إطلاق الأسرى اليهود الأميركيين لديها بمعزل عن إسرائيل، لأنه إذا فعل ذلك سيعرض الحملة الانتخابية للمرشحة الديموقراطية كامالا هاريس للخطر، وفي المقابل فإنه ليس بقادر على الذهاب في الخلاف مع نتنياهو بعيدا لئلا تخسر هاريس الأصوات اليهودية -الأميركية، ولذلك سيبقى في الموقف الذي يلقي اللوم على "حماس" حينا وعلى نتنياهو حينا آخر.
ويعتبر المصدر أن العراق خرج من "وحدة الساحات" بقول وزير خارجيته فؤاد حسين "إننا لسنا في وحدة الساحات ونحن ندعم الفلسطينيين"، وهذا ما سيجعل المقاومة العراقية التي لا تأتمر بالسلطة الرسمية هدفا للقصف الأميركي أو الإسرائيلي تماما كالقصف الذي تعرضت له غداة اغتيال القائد العسكري لحزب الله فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت واغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"إسماعيل هنية في طهران، علما أن اتفاقا تم أخيرا بين بغداد وواشنطن على خروج الأميركيين من بلاد الرافدين وهم سيخرجون بالفعل في عملية تدريجية تنتهي سنة 2026. فمثل هذا الأمر إذا حصل قد ينعكس سلبا على الحملة الانتخابية للمرشحة الديموقراطية كامالا هاريس "كرمى لعيون الملالي". لكن هذا الأمر لن يكون كذلك لأن هناك لعبة أكبر من ذلك بكثير.
ويضيف المصدر متسائلا: هل إن حرب إسرائيل على الضفة الغربية هي حرب استباقية للهجوم على لبنان فيما في الأمس كانت هناك غارات إسرائيلية على مخازن ذخيرة وغيرها لحزب الله في الجنوب اللبناني وقد بدا الأمر وكأن في الأمر تمهيدًا لهذا الهجوم .
ثم إن هناك لعبة تدور حاليا ويبدو معها أن الجميع وكأنهم يلعبون ورقة الرئاسة الأميركية، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعلن أخيرا تأييده لكامالا هاريس ولكنه تأييد ربما تكون الغاية منه دفعها إلى السقوط على غرار تجربة سابقة عندما أعلن الحزب الشيوعي السوفياتي دعمه ترشيح الرئيس السابق رونالد ريغن على سبيل التسبب بسقوطه لكون قوة عظمى عدوة للولايات المتحدة الأميركية تدعم ترشيحه.
أمد التفاوض
ويقول المصدر إن المناخات الإيجابية التي تشيعها الولايات المتحدة الأميركية حول المفاوضات في شأن غزة ما إن تفتح أملا في ما يتعلق بغزة حتى تتصدى لها التصريحات الإسرائيلية الرافضة. ولكن من الواضح تماما أن الأميركي يركز اهتمامه الأساسي على إطالة أمد التفاوض حتى لا يصل إلى لحظة يعلن فيها انهيار المفاوضات لأنه يعتبر أن وصول التطورات إلى لحظة انهيار في عملية التفاوض يمكن أن تفتح الأوضاع على تصعيد.
ويضيف المصدر أن الكلام عن مبادرة أميركية جديدة لا يعرف مدى جديته ولكن الموقف الإسرائيلي عموما وموقف نتنياهو وفريقه تحديدا لا يظهر وجود متغيرات فيه ولكن يشاع في ما يتعلق بالوضع اللبناني أن هناك تطورات سلبية. إما على مستوى حزب الله فلا يزال التحليل هو نفسه حتى الآن ولم تدخل عليه أي معطيات تدفع إلى إعادة تقييم الموقف بطريقة مختلفة، فهناك مبادرات ومحاولات وهناك تسريبات تتحدث عن تفاهمات أو حصول نوع من الاتصالات الأميركية ـ الإيرانية حصلت ولا علاقة بمسار خفض التوتر، لكن هذه الأمور لم تدخل بعد إلى الرؤية ولا إلى التحليل والتقييم، وإن أي معطيات جدية لم تدفع إلى إعادة قراءة الموقف بطريقة مختلفة.
ماذا لدى الخماسية من جديد لتقدّمه؟
يجيب المصدر: "السيناريو "مكفشل" كله على بعضه لأنهم يفترضون أن هناك إمكانية للفصل بين موقف حزب الله وبين التطورات في غزة. وهذه النقطة حزب الله على استعداد للاتفاق على إيجاد نوع من وقف التصعيد أو الهدنة أو شيء من هذا القبيل ولا مانع لدى محور للفصل على افتراض أن الإسرائيلي تراجعت وتيرة التصعيد لديه جنوبا وحزب الله يتكيف في هذه الحال مع هذا الوضع لأن وتيرة التصعيد عنده تقوم في الأصل على خوض معركة إسناد غزة بقواعد اشتباك محدودة لاستهداف مواقع عسكرية وليس حربا مفتوحة تطلعاً. فمن وسع دائرة الحرب هو الإسرائيلي ما اضطر حزب الله من باب التوازن إلى أن يتوسع" .
مطلب حزب الله
ويضيف المصدر: "لكن فلنفترض أن الضغوط الدولية على الإسرائيلي نجحت في أرجاعه إلى قواعد الاشتباك الأساسية المحددة بعمق وبأهداف عسكرية صرفة فهذا أصل مطلب حزب الله وهذه سياساته التي خاضها على أساس الحرب، وأن العودة إلى هذا الأمر تؤدي إلى خفض التصعيد. ومن هذه الزاوية إذا كان هناك عمل دولي قد نجح في فرض هذا الأمر على الإسرائيليين يحصل خفض تصعيد وليس وقف إطلاق النار أو تكون هدنة معزولة عن غزة غير ممكنة وهذا ليس واردا في حسابات حزب الله أو محور المقاومة.
لكن تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسيي هاليفي الأخيرة قبل أيام لم تكن في هذا الاتجاه، بل كانت تصعيدية وفي اليوم التالي شنت إسرائيل 15 غارة على الجنوب اللبناني.
ويشير المصدر من جهة أخرى إلى أن ما استرعى الانتباه في خضم كل هذه التطورات كان زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتركيا في هذا التوقيت وفي ظل المرحلة الدقيقة إقليميا ودوليا، ويبدو أن سببها كان تولد مخاوف لدى أنقرة والقاهرة من أن المرشحة الديموقراطية كامالا هاريس إذا فازت بالرئاسة الأميركية ستعطي الأولوية للعلاقات مع إيران، وهو ما قد يستدعي إحداث استنفار في العالم الإسلامي ينطبق عليه قول الشاعر أبو الطيب المتنبي:
"وتوهم القوم أن الضعف قرّبنا
وفي التقرب ما يدعو إلى التهم".
ويرى المصدر "أن هناك خلفية كبيرة للقاء عدوين لدودين عبر التاريخ منذ محمد علي باشا والخديوي اسماعيل حتى اليوم. ولذلك الخماسية لم تعد خماسية فعلاً وليس معلوماً إلى أين سيؤدي الانفتاح بين أنقرة والقاهرة، ولكن الجميع باتوا ينتظرون محطة الانتخابات الأميركية في 5 تشرين الثاني المقبل.
ترامب والعقوبات
إنَّ هناك شيئا لم يتنبه إليه أحد وهو أن المرشح الجمهوري دونالد ترامب دعا في خطابه أمام الجالية اليهودية في الولايات المتحدة قبل أيام إلى رفع العقوبات عن إيران وروسيا، معتبراً أن هذه العقوبات تضر بمصالح الولايات المتحدة الأميركية وهو بهذا الموقف إنما يسعى وراء مصلحته الانتخابية فالجميع يقولون الآن إن ترامب هو المتشدد مع إيران ولكن يظهر أنه كان متشددا فقط في قضية اغتيال اللواء قاسم سليماني، وليس مع إيران التي يقول إنه يريد رفع العقوبات عنها.