ميشال نصر -خاصّ الأفضل نيوز
هو التصعيد نفسه، متحكم بالملفات، داخليا، مع قرار العسكريين المتقاعدين خوض حربهم مع السلطة بكل مندرجاتها، على قاعدة "يا حياة يا موت"، بعد "تهريبة" رئيس حكومة تصريف الأعمال، التي فجرت غضبا لن يكون من السهل السيطرة عليه، ناقلة المواجهة على رقعة الجغرافيا اللبنانية، أما على الحدود، فالوضع ليس بأفضل حال مع دخول المواجهات مرحلة جديدة، حيث رفعت إسرائيل من نسبة عملياتها الليلية وتركيزها على رقع جغرافية معينة، تصنفها كمواقع لمخازن السلاح والقواعد الصاروخية، معتمدة سياسة الأرض المحروقة، مستخدمة ذخائر فتاكة.
وبين التصعيدين جولات وزيارات دبلوماسية مكوكية، إلى المنطقة، أوروبية إلى بيروت، وأميركية إلى تل أبيب، اأملا في التخفيف من حدة العنف المتصاعد، في ظل عودة الملفات الداخلية بغالبيتها إلى مربعها الأول، من تعثر المسعى الرئاسي المستجد، مرورا بـ «هريان» المؤسسات الرسمية وشللها، وصولا إلى دوران المؤسسات الدستورية في حلقة مفرغة.
ففيما كان الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين يحط رحاله في تل أبيب، ضيفا مرحبا به، دون سابق إنذار، حاملا رسالة سياسية، بعد سلسلة الزيارات العسكرية الاستطلاعية لكبار ضباط الجيش الأميركي، إلى الجبهة الشمالية، كان الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي ونائب المفوضية الأوروبية، جوزيب بوريل، يسوح ويجول بين المقار الرسمية اللبنانية، ناقلا تضامنا وتعاطفا كلاميا، مطبوعًا بمرارة عدم استقباله في تل أبيب،معبرا عن قلقه مما قد تحمله الأسابيع القادمة من تصعيد على الجبهة الجنوبية، في حال قرر لبنان السير بعكس الرياح الأميركية، على ما أشارت مصادر مواكبة للجولة والاجتماعات.
وتتابع المصادر بأن الجولة الأوروبية لم تقدم أي جديد، فعلى المستوى السياسي، يبدو واضحا انقسام دول الاتحاد حول مقاربتها للملف اللبناني، نتيجة اختلافها حول الموقف من حزب الله، أما ماليا، لا يبدو أن أوروبا في وارد رفع مساهمتها الحالية، في المساعدات المقدمة للبنان، في ظل تسخيرها كامل الموارد لصالح المجهود الحربي في أوكرانيا، معتبرة أن المواقف التي أطلقها بوريل، لن تقدم أو تؤخر في مسار الأحداث والتطورات، التي يتم رسمها بين واشنطن وتل أبيب، حيث يجري إعداد "طبخة لبنانية ما"، لم تعرف مكوناتها حتى الساعة، باعتراف المسؤول الأوروبي نفسـه
على الضفة المقابلة،كشفت مصادر دبلوماسية أن زيارة هوكشتاين إلى تل أبيب،تم تحديد موعده منذ أيام، إذ تأتي في سياق استكمال المباحثات التي بدأت "افتراضيا" الأسبوع الماضي واتفق على متابعتها، بعدما أنجز العسكريون وضع تصوراتهم، وفقا للأولويات التي وضعها الإسرائيليون، وفي هذا الإطار علم أن ثمة طرحا أميركيا، مقبولًا لبنانيا، يقضي بخفض التصعيد العسكري جنوبا، انطلاقا من انخفاض حدة العمليات العسكرية في قطاع غزة، مقابل إطلاق جولة مفاوضات دبلوماسية، ترافقها ضغوطات سياسية، وهو ما ترفضه تل أبيب معتبرة أن أي مفاوضات دبلوماسية لن تنجح دون ضغط عسكري كبير، وسقف تاريخي محدد لها، وهذا ما تبلغته بيروت بوضوح.
وتؤكد المصادر أن الإدارة الأميركية تحاول تثبيت بعض نقاط "اتفاق اليوم الثاني لانتهاء الحرب"، قبل الانتقال إلى البحث في الضمانات والآليات، ومنها زيادة التنسيق العسكري والأمني بين واشنطن وتل أبيب، في إطار خطة ضرب خطوط إمداد الحزب، كجزء من عمليات الضغط، التي ستواكب بحملة في مجلس الأمن، وهو ما بدأ عمليا، مع تكثيف تحليق طائرات التجسس والرصد الأميركية المجهزة بأحدث الوسائل التكنولوجية ، فوق الساحلين اللبناني والسوري، امتدادا نحو الداخل.