نبيه البرجي - خاص الأفضل نيوز
إلى أين يريد أن يصل بنيامين نتنياهو؟
الإجابة لدى عالم الجيوبوليتيكا الروسي ألكسندر دوغين "إلى حيثما تريد أميركا". لا سبيل أمامنا، ونحن بين أسئلة النار وأسئلة المجهول، سوى العودة إلى كتاب العميل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية مايلز كوبلاند "لعبة الأمم" الذي صدر عام 1969، والذي أحدث ما يشبه الزلزال في المنطقة العربية بإضاءة خفايا الاستراتيجية الأميركية في إدارة الدول، وفي إدارة السياسات، مثلما تدار حجارة الشطرنج.
بعد نحو نصف قرن اللعبة ذاتها على هامشها نقطة التقاطع بين لعبة الأمبراطوريات ولعبة القبائل.
ولكن كيف نرى المقاومة في غزة، وفي لبنان؟ لا نتجرأ على الذهاب إلى ما ذهب إليه الصحافي الإنكليزي ديفيد هيرست حين يقول أن الأميركيين ينظرون إلى ذلك "النوع الخارق" من المقاومة كـ"ظواهر آنية" لا بد أن تندثر ما دامت على خط معاكس لخط الرياح".
المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه يرى أن نتنياهو "لا يضعنا فقط على خط الرياح بل وعلى خط الكوارث، ودون أن يأخذ بالاعتبار ما حل، وعبر القرون، بـالرؤوس التي تخرج منها النيران"!
بابيه يرى أن من المستحيل، بالقوة العمياء، استئصال تلك المقاومة التي "تترعرع داخل اللاوعي"، والتي لا بد أن تتحول إلى "حالة جينية" تتوارثها الأجيال كأساس في التكوين الفلسفي للأمم.
كلامه دائماً عن "كمية الغباء" في رؤوس الذئاب، ودون أي اعتبار لـ"التغييرات الحتمية في المسار الجدلي للتاريخ".
سأل "ماذا حين يتغير الزمن الأميركي؟".
قد تكون الإجابة لدى أحد كبار منظّري "المحافظين الجدد" وليم كريستول الذي كاد يجزم بـ"أننا قد نكون على مسافة خطوات من تلك اللحظة الكبرى التي لا تتغير فيها الاستراتيجيات، ولا الإيديولوجيات، ولا حتى الخرائط.
الأزمنة هي التي تتغير ..."
هل كتب علينا البقاء في المقاعد الخلفية من القاعة، ونحن نتابع، بجثثنا أو بثرواتنا، الكوميديا الأميركية، وحيث لا يرى فينا السناتور البارز في الحزب الجمهوري ليندسي غراهام أكثر من نسخة عن الهنود الحمر ...
تصوروا المدى الأخطبوطي للوبي اليهودي ليس فقط في إدارة أميركا، بل لنكاد نقول بإدارة الكرة الأرضية، وإلا كيف لجو بايدن (كرئيس في الداخل وأمبراطور في الخارج) أن يتعاطى مع نتنياهو بأسلوب توم أند جيري، وإلى حد الظهور بمظهر من يتوسل إليه عدم توجيه ضربة إلى إيران يمكن أن تؤدي إلى تقويض النظام "الذي لا نريد تغييره وإنما فقط تغيير سلوكه" كونها "الابن الضال".
إنه الخوف الأميركي على تقنية الصراع، أو على فلسفة الصراع
بالأحرى على أبدبة الصراع تلك الفظاظة قال ريتشارد بيرل (الشيطان الأحمر) "من يتخلى عن أميركا كمن يتخلى عن هيكله العظمي".
قد تكون ضد أميركا، وترشق رئيسها بالحجارة. ولكن إياك أن تكون ضد إسرائيل حين نتذكر وصف بول وولفويتز لها بأنها "روح أميركا".
ألهذا أوكل جون بايدن إلى الائتلاف الجهنمي في إسرائيل بتدمير كل القوى التي تشكل خطراً عليها؟
الاختبار الكبير، الحلبة الكبرى، في جنوب لبنان
لا أحد يدري ما في رأس نتنياهو. ولكن هناك اعتراف علني بحجم القتلى، والجرحى، والمواجهة لا تزال عند أطراف الخط الأزرق.
ماذا إذا حاولت الدبابات التقدم أكثر؟ كل الدلائل تشير إلى أن رجال المقاومة هناك تجاوزوا الوضع النفسي الذي أحدثته سلسلة الصدمات الأخيرة، لنلاحظ كيف أن بعض المعلقين الإسرائيليين بدأوا بالتساؤل ما إذا كانت "عقدة لبنان" لا تزال تتحكم بالضباط وبالجنود، ليشير البعض إلى أن زعيم الليكود إنما يراقص الأشباح على الأرض اللبنانية.
ماذا عن الوجه الديبلوماسي من الصورة
كلام الشيخ نعيم قاسم كان واضحاً جداً
تفويض رئيس المجلس النيابي نبيه بري (وهو التفويض الأخوي الذي لا يخضع لقواعد الاشتباك حتى في المجال التفاوضي)، يعني القبول بفصل مسار لبنان عن مسار غزة. تابعنا اللقاء البالغ الأهمية بين ولي العهد السعودي ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، ليعقب ذلك حديث هذا الأخير لقناة "الجزيرة"، وحيث التفهم لمسألة الفصل بين المسارين، كون الوضع اللبناني أخذ منحى بالغ الدقة، بتداعيات قد تنعكس على المنطقة بأسرها ..
ولكن من يستطيع الحد من شبق الذئاب إلى الدم؟ السؤال مثل أسئلة كثيرة يطرق باب البيت الأبيض..