كريستال النوّار - خاصّ الأفضل نيوز
وسط الأخبار المُتضاربة عن اقتراب موعد وقف إطلاق النار، والتي لا يُمكن تصديقها إلا عندما تُنفّذ، يرى البعض أنّ الحرب "مطَوْلة" والآتي أعظم. فيما البعض الآخر يذهب أبعد من هذه الوعود "المدسوسة" ليُلقي الضّوء على المجازر التي تحصل يوميًّا بحقّ الأبرياء مع مُحاولات نشر الفتنة بين أبناء الوطن الواحد.
في هذا الإطار، يُشير العميد المتقاعد حسن جوني إلى أنّ "كلّ منطقة يتواجد فيها نازحون تُعتبر معرّضةً للاستهداف، فأينما وُجد الهدف لا يتوانى العدو الإسرائيلي عن ضربه، وهذا لا يفرق بالنسبة للعدو ما إذا كان الهدف من مقاتلي حزب الله أو مشتبه بأنه يعمل لصالح الحزب وفقاً للادعاء الاسرائيلي".
ويلفت جوني، في حديثٍ لموقع "الأفضل نيوز"، إلى أنّ "هذا الهدف غير مشروع طبعاً لأنّه خارج المعركة، وحتى لو كان مقاتلاً. كلّ المناطق معرّضة للاستهداف، فالعدو يستهدف كلّ الأهداف وفي كلّ الظروف وكلّ الأوقات على كامل الأراضي اللبنانية".
أمّا عن الغاية من الاستهدافات، فيعتبر جوني أنّ "الهدف هنا ليس ميدانيًّا فقط، بل هو استهداف خبيث المُراد منه القول إنّ النازحين بالمكان الذي هم فيه يُشكّلون بيئة خطرة على المُحيط. وهذا يؤسّس لخلق مشاكل يُمكن أن تؤدّي إلى حروب. فالاستهداف المتكرّر يُصرّ عليه الإسرائيلي، وبشكلٍ وحشي، إذ يُدمّر مبنى ويقتل أبرياء من أجل هدفٍ واحد بالنسبة إليه، وبذلك ينشر الرّعب في المنطقة.. وهذا مقصود..
من هنا لا يُلام الآخرون في خوفهم من النازحين ومن وجودهم بينهم".
"لم يعد هناك أيّ منطقة آمنة"، يقول جوني، ويُضيف: "هناك درجات من الخطر في المناطق، ترتبط بدرجات أقصاها وأعلاها مناطق حزب الله وبيئته وصولاً إلى مناطق خالية من مؤيّديه. الخطر متنقّل أيضاً مع تنقّل العناصر البشرية بين المناطق الآمنة".
ولا يكتفي الإسرائيلي بهذه الوحشيّة، بل يُركّز أيضاً على الحرب النفسيّة، ويُشير جوني إلى أنّ "البيانات التي تتعلّق بالعمليّات العسكرية متضاربة ومتباينة، وهذا نوع من المناورات التي يقوم بها الإسرائيلي بين الإعلام والقرارات التي تُعلن والقرارات العسكرية والنيات الحقيقية"، موضحاً أنّ "هذا كلّه يدخل في سياق المناورات والضغط على الجانب اللبناني يترافق مع الاتصالات والدبلوماسية، ويتماهى الضغط مع موضوع انتزاع شروط وفقاً للمسودة التي يتم التسويق لها من خلال الإعلام العبري، وفيها شروط تمسّ بالسيادة.. غالباً ما ينشر الإعلام الاسرائيلي بيانات متضاربة ومتناقضة، لخلق مناخٍ ضبابي في ما يتعلّق بالمواجهة وأهدافها".
إلى متى قد تستمرّ الحرب؟
يُجيب جوني: "لا أحد يعرف، ولكن هناك مؤشّرات تدلّ على أنّ اللحظة غير مؤاتية لإنهاء الحرب، على العكس الوقت مؤاتٍ لمتابعة القتال، ولكن لا أعتقد أن الحرب ستكمل براً كما يقولون، لا أتصوّر أن الإسرائيلي يدخل في هذه المغامرة في البر، لأنه يهرب من الالتحام وهذه مسألة ثابتة وتبيّن أنه يخسر بهذه الطريقة.. ممكن أن يستمرّ بالضغط كما يفعل اليوم. وقد يراهن على ضغط النازحين على المجتمع اللبناني، وقد يقوم بأعمال أخرى يستكمل فيها التدمير، وقد تكون لديه أهداف تدميريّة أخرى في البيئة الحاضنة".
ويرى، "إنّنا اليوم بفراغ سياسي دولي وعدم توازن دولي، بالتالي لا أعتقد أنّ هذا يُساعد على وقف الحرب. والتغييرات التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في حكومته "جاب وزير دفاع بمون عليه" هذا يوحي أيضاً بأنه "مكمّل" بالعمليّة العسكرية. هذه بعض المؤشّرات التي لا تُشير إلى وقف الحرب قريباً. يبقى موضوع الحراك الحاصل والضّغط الدولي إذا نضج.. "إذا صار في حراك دولي أوسع من الولايات المتحدة يُمكن أن تتحقّق عملية الدخول بهدنة".
ماذا عن وصول دونالد ترامب؟
يقول جوني: "هذا مشهدٌ جديدٌ في الحياة السياسية الدولية، لا أحد يعرف كيف يمكن أن يؤثّر على المشهد اللبناني. ولكن يمكن قراءة بعض المؤشرات: ترامب لن يقبل بأن تستمرّ الحرب لأنه يشيع مناخاً بأنه سيوقف الحرب في الشرق الأوسط، وبالتالي هذا تحدٍّ له بأن تكمل الحرب مع استلام منصبه، ولكن كيف سيوقفها؟ هنا يكمن السؤال. فإذا كان ينوي وقفها وفق الشروط الإسرائيلية فإنّها لن تتوقف، لأنّه لا يملك القرار ولا "يمون" على جميع الأفرقاء المقاتلين. أما إذا كان يريد وقف الحرب بضغط أميركي على إسرائيل بتحقيق شروط معيّنة تؤكّد تطبيق القرار 1701 بآلية جدية، فهذا الأمر يُمكن أن يوقف الحرب. ونخشى من وصول ترامب أن يفجّر المنطقة أكثر لأنّ مقاربته لملفات الشرق الأوسط فيها انحياز كبير لإسرائيل وتاريخ الولاية الأولى يؤكد هذا الأمر".
ويُتابع: "هنا لا بد من التوقف عند موقف الدولة العميقة في الولايات المتحدة وليس فقط الرئيس الجديد وشخصيته. العنوان الأساسي اليوم أنّ ترامب أمام تحدّي وقف الحرب بعدما يتنصب كرئيس لأن استمرارها يُعتبر انتقاصاً من قدرته العالميّة.. ولكن يبقى السؤال فقط كيف سيعمل على وقف هذه الحرب؟".