كريستال النوّار - خاص الأفضل نيوز
"بين تشرين وتشرين صيف تاني". هذه العبارة شائعة وتعكس واقعاً مناخيًّا اعتدنا عليه في لبنان، ومحبّو الخريف يعرفون جيّداً أنّ الفترة ما بين تشرين الأول وتشرين الثاني غالباً ما تشهد أياماً دافئة ومشمسة رغم تساقط بعض الأمطار الخفيفة.
في هذه الفترة بالذات، تبدأ التساؤلات "هل ينتظرنا شتاءٌ قاسٍ؟"، "هل يُنذر هذا الصيف الثاني بشتاءٍ طويل أو شديد البرودة؟"، "هل فصل الصيف القاسي يُقابله شتاءٌ مشابه؟".
صحيحٌ أنّ الأجوبة تبقى غامضة على الرغم من كلّ التوقّعات التي تنتشر حول الطّقس، إلا أنّ رئيس قسم التقديرات في مصلحة الأرصاد الجويّة في مطار رفيق الحريري في بيروت، محمد كنج، يُقدّم نظرة علميّة واضعاً النقاط على الحروف في بعض التفاصيل، إذ يؤكّد أنّ كلّ ما ينتشر اليوم عن أنّ فصل الشتاء سيكون قاسياً وقد يشهد تقلّبات غير طبيعيّة لم نشهدها من قبل "يوضع في إطار التهويل واستباق الأمور"، موضحاً في حديثٍ لموقع "الأفضل نيوز" أنّ التقديرات الجويّة الدقيقة تكون من 3 إلى 5 أيام أمّا التوقّعات التي تكون لمدة شهر فنسبة الخطأ فيها مرتفعة، وهي لا تُفيد إلا من خلال إعطاء لمحة عامة لما ينتظرنا.
وفي السياق، يُشير كنج إلى أنّ التوقّعات لأكثر من شهر خاطئة، خصوصاً لمن يقول إنّ "الصيفية القاسية يُقابلها شتاء قاسٍ والعكس صحيح" لتحقيق التوازن بمنظومة الطقس، فهذا غير ضروري ولا يحصل دائماً، يؤكّد كنج. ويستطرد قائلاً إنّ الصيف الماضي لم يكن قاسياً، بل صيف 2023 وصيف 2024 كانا أشدّ حرارة من الموسم الماضي، وحتى الآن لا يوجد أيّ مؤشر إلى أن الشتاء المقبل سيكون شديد البرودة أو يحمل كمية هائلة من الأمطار.
أمّا عمّا ينتظرنا في الأيّام المقبلة، فيقول كنج: "لا منخفضات جويّة فعّالة مليئة بالأمطار في تشرين الأول، وسنشهد شبه استقرار مع طقس خريفي طبيعي".
وعن المنخفض الجوي المقبل هذا الأسبوع، قد نشهد بعض الأمطار يومي الأربعاء والخميس ولكن تعود الحرارة إلى الارتفاع ويستقرّ الطقس في ما بعد، شارحاً: "كل الترجيحات لشهر تشرين الأول تبيّن أنّ كمية أمطار تحت المعدلات. ففي هذا الشهر يجب أن تُمطر مثلاً في لبنان لحدود الـ 54 ملم كمعدّل طبيعي إلا أنّ هذه الكمية غير واضح أنّها ستتحقّق من الآن حتّى آخر تشرين الأول".
ويُتابع: "سنتعرّض لمنخفض جوي يبدأ تأثيره من مساء الثلاثاء ويستمرّ إلى صباح الجمعة، والأمطار ستتركّز بين الأربعاء والخميس وقد تكون خفيفة. لكنّ هذا المنخفض يتميّز بتدنٍّ كبير بدرجات الحرارة خصوصاً في الداخل وعلى الجبال بحدود الـ 6 درجات ، ما سيُدخلنا بأجواءٍ خريفيّة بامتياز مع درجات حرارة تحت المعدلات وأجواء باردة ليلاً، تبقى معتدلة نوعاً ما على الساحل".
العين على تشرين الثاني إذاً، وفق كنج، لأنّه "قد يحمل نظرة عامة عن نمط الشتاء المقبل". ويُضيف: "هذه السنة ستكون أفضل من الماضية من حيث كمية الأمطار، وفق ما تُبيّن التوقّعات، خصوصاً أنّ العام الماضي كان الأسوأ منذ 90 سنة في هذا الإطار"، لافتاً إلى أنّه "يجب أن ننتظر تشرين الثاني ليتبين لدينا إذا كنا سنتخطى المعدلات أو نقترب منها ككمية، ولكن لن نشهد منخفضات فعّالة قبل تشرين الثاني المقبل، وتحديداً قبل الجزء الثاني منه. وإن شاء الله تتغيّر حركة الدوامة القطبية بداية تشرين الثاني وتدفع بكتل هوائية باردة ورطبة على منطقتنا".
من جهة أخرى، نُشر أنّه "بعد مواسم مُتتالية دافئة نسبيًّا وقليلة الأمطار بفعل عوامل مناخيّة كثيرة ومن ضمنها ظاهرة النينيو أي ارتفاع حرارة مياه المحيط الهادئ الاستوائي الشرقي، تُظهر المؤشرات المناخية العالمية إلى احتمال عودة النينيا (انخفاض حرارة مياه المحيط الهادئ الاستوائي الشرقي) خلال شتاء 2025 - 2026. وأنّه في حال تحقّق ذلك قد نشهد موسماً أبرد وعواصف وأمطاراً بكميات أكبر من السنوات الأخيرة".
لرئيس قسم التقديرات في مصلحة الأرصاد الجويّة في مطار رفيق الحريري، رأيٌ آخر، ويُعلّق قائلاً: "ظاهرة النينيا هي الطّور البارد والنموذج المضاد للنينيو، تتميّز بانخفاض درجة حرارة سطح المحيط في وسط وشرق المحيط الهادئ وتأثيرها الحقيقي يكون على الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية، أمّا نحن في لبنان فنتأثر بها جزئيًّا فقط"، لافتاً إلى أنّ كلّ الترجيحات تُبيّن أنّ ظاهرة النينيا هذه السنة ضعيفة وتأثيرها على هذا الشتاء لن يكون ملموساً، خصوصاً على الحوض الشرقي للمتوسط، ونتأثّر بها بشكلٍ ضعيف ومحدود".