عبدالله قمح - خاصّ الأفضل نيوز
لم يكن يوم الصواريخ التي أمطرت إسرائيل أمس عادياً، بل جاء متزامناً مع حدثين بالغي الأهمية.
- الأول يتصل في أنه أكثر يوم تتمكن فيه المقاومة من إطلاق هذا الكم من الصواريخ تجاه إسرائيل. وبحسب تقديرات العدو، أطلق الحزب أكثر من 340 صاروخاً. المرة الوحيدة التي تمكن الحزب من تحقيق هذا الرقم خلال الحرب الحالية كان عندما قرر الرد على اغتيال قائده العسكري الشهيد فؤاد شكر، منتصف شهر آب الماضي.
- الثاني اتصل في تزامن عملية الإطلاق مع ارتفاع الحديث حول التسوية المتعلقة بوقف إطلاق النار في جنوب لبنان، وبلوغها مرحلة حساسة جداً، أدت إلى وقوفها عند نقطتين: إما الانهيار وهذا يعني مزيداً من الحرب والدمار والتصعيد مضاف إليها مغادرة الوسيط عاموس هوكشتين منصبه، وإما نجاة هذا المسار. وعلى ما يبدو إن مسؤولين في الإدارة الأميركية بدأوا إجراء تدخل سريع لإنقاذ اتفاق وقف إطلاق النار.
عملياً وفي إحصاء بسيط، سجلت المقاومة لغاية لحظة كتابة هذا التقرير نحو 615 عملية عسكرية خلال الشهر الجاري وهو الأعلى بين الأشهر الماضية، شملت قصف مواقع عسكرية، جوية وبرية وبحرية، بالإضافة إلى مستعمرات حافة وعمق، وأيضاً حشودات عسكرية سواء داخل قرى جنوب لبنان أو في الأراضي المحتلة، والأهم قصف تل أبيب لاسيما منطقة غوش دان (تل أبيب الكبرى).
المهم في هذه النقطة أن العمليات تلك تستحضر بعد حوالي الشهرين على بدء الحرب بالوتيرة التصاعدية الحالية، وبعد شهرين على المزاعم التي تحدثت عن انهيار حزب الله وعن نهايته، وعن ضرب هيكلية العسكرية، وضرب 70 إلى 80% من قدرته الصاروخية لاسيما بعيدة المدى، والكلام حول ضرب مستودعات السلاح التابعة لحزب الله، ووسط تقديرات وضعتها المؤسسة الأمنية من أن الحزب لا يستطيع الصمود لأكثر من شهرين في القتال.
يقول محلل إسرائيلي على قناة كان العبرية: أطلقت صفارات الإنذار في الكيان 500 مرة اليوم (أمس)، في كل مرة علينا المكوث 10 دقائق. ما يجري فظيع، لأن المؤسسة الأمنية أكدت أن حزب الله ليس في استطاعته تهديد إسرائيل لوقتٍ طويل والآن يظهر العكس. إذاً ما نفع كل القتال الذي يجري عند الحدود إن لم يمنع حزب الله من استخدام صواريخه، وأصلاً كيف للحزب أن يستمر بإطلاق النار بعد شهرين من العمليات وإبلاغ المؤسسة الأمنية أنها استطاعت تدمير قدرات حزب الله؟
بعيداً عن كل ذلك، يبدو أن حزب الله يمارس مزيداً من الصعود على سلم الارتقاء العسكري والسياسي. في الميدان ما زالت 5 فرق عسكرية معادية عاجزة عن بلوغ أهدافها، غير المتمثلة في السيطرة على قرى الحافة الأممية، إنما بلوغ قرى الخط الثاني والسيطرة عليها، والانتقال منها إلى قرى الخط الثالث، وأخيراً بلوغ نقطة نهر الليطاني في أكثر من موضع. وفي هذا الشق، يأمل العدو بلوغه، كعنوان أساسي في مشروعه العسكري، وقد يصل إلى وقف لإطلاق النار ولديه صورة نصر معينة!
لغاية هذه اللحظة وبحسب المعلومات الميدانية، ما زالت المقاومة تخوض مواجهات شرسة في مربع أساسي مرتبط بمجموعة من المحاور تتوزع بين الغربي والشرقي على وجه الدقة.
غرباً يحاول العدو منذ أيام السيطرة على البياضة من دون قدرة على ذلك، وقد خسر أمس مجموعة كبيرة من دبابات الميركافا. في هذه النقطة لم يستفيد من السيطرة على بلدة شمع، ببساطة لأن المقاومة نجحت في إشغاله هناك. فتحولت السيطرة على نقطة، ومن غير قدرة العدو على تدعيم تحرك آلياته صوب البياضة من شمع.
في المعطيات، أن العدو وضع في باله السيطرة على 3 مناطق أساسية: مرتفع البياضة، مدينة الخيام ومدينة بنت جبيل.
لكل من المواقع الثلاثة أهمية.
البياضة: تعتبر عقد وصل بين مجموعة من المناطق، وهي عبارة عن تلة كاشفة في مقدور من يسيطر عليها فرض سيطرة نارية واستحكام ميدانية يبلغ صور وما بعد صور وصولاً لتهديد الخط الساحلي صيدا – صور.
الخيام: ينظر إلى قتال المقاومة الجاري حالياً في المدينة على أنه مرتكز أساسي، يظهر جانباً من قدرات المقاومة. وإن افترض البعض أن الخيام قد تسقط بالمفهوم العسكري، غير أن سيطرت العدو عليها إن حصلت مثلاً، لن تكون على شكل سيطرة تامة وكاملة وبكلفة بسيطة، إنما سوف تكون صورة عن قتال شرس آخر سيدور في نواحٍ آخرى يحاول العدو الوصول إليها. من هنا، يفهم أن العدو الذي يحاول السيطرة على الخيام لما تمتاز من موقع استراتيجي كاشف على نقاط التقدم صوب "النهر"، يسعى في الأساس إلى السيطرة على مجموعة مدن أو قرى ذات طابع استراتيجي في محاولة منه لإسقاط الجبهة وفرض سيطرة بالنار على عقد التنقل. وفي ظل ما يحصل في الخيام، فتح العدو جبهة صوب بنت جبيل في محاولته لتحقيق "صورة نصر" حقيقية.
بنت جبيل: تكمن أهمية بنت جبيل كواحدة من المدن الرئيسية في المنطقة. أما السبب الأساسي فيعود إلى مسعى العدو تحقيق صورة نصر تتصل في بلوغ وسط مدينة بنت جبيل ووضعها تحت السيطرة تعبيراً عن انكسار حزب الله.