سحر ضو - خاص الأفضل نيوز
أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي جزءًا أساسيًا من حياة الأطفال والمراهقين في العصر الحالي، إذ توفر لهم فرصًا للتواصل مع الآخرين واكتساب مهارات تقنية. ومع ذلك، يشير الخبراء إلى أن هذه المنصات قد تحمل آثارًا نفسية وسلوكية قد تكون خطيرة إذا لم تُمارس الرقابة المناسبة. فبينما يمكن لمواقع التواصل أن تكون مصدرًا للتعليم والترفيه، فإن الإفراط في استخدامها قد يؤدي إلى مشكلات مثل الإدمان الرقمي وضعف مهارات التواصل الاجتماعي المباشر، فضلاً عن زيادة معدلات القلق والاكتئاب وتعريض الأطفال لخطر المحتوى الضار، بالإضافة إلى مخاطر التنمر الإلكتروني والاستغلال.
في هذا السياق، يشير د. دانيال رزق، صاحب الخبرة الطويلة في مجالي الصحة النفسية والشاملة، إلى ضرورة الرقابة على استخدام الأطفال لوسائل التواصل الاجتماعي. يوضح أن الدراسات تشير إلى أن التعرض المفرط للمحتوى السلبي يعزز من مشاعر القلق والاكتئاب لدى الأطفال. ويؤكد على دور الأسرة في مرافقة أبنائهم وتحديد أوقات الاستخدام، ومناقشة محتوى ما يشاهدونه، مشددًا على أن "التربية الرقمية لا تعني منع الأطفال، بل توجيههم وتحفيز تفكيرهم النقدي لتمييز المحتوى الجيد من السيء". وأضاف بأن الأجيال القادمة قادرة على إيجاد "آليات نفسية" للتعامل مع التقدم التكنولوجي بشكل أفضل من الأجيال السابقة التي لم تكن معتادة على هذه التكنولوجيا المفاجئة.
على الصعيد الدولي، تتبنى الأمم المتحدة عدة حلول لضمان رقابة فعالة على الفضاء الرقمي وحماية الأطفال. تشمل هذه الحلول تطوير سياسات أمان رقمية صارمة، تعزيز استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لرصد وحذف المحتوى الضار، تصميم منصات آمنة تراعي عمر الأطفال وتحمي خصوصيتهم، وتطوير آليات فعالة للإبلاغ عن الانتهاكات الرقمية.
أما على صعيد لبنان، فيظل غياب التشريعات المنظمة لاستخدام الأطفال لوسائل التواصل الاجتماعي أحد التحديات الرئيسية. رغم ذلك، فقد قدمت النائبة عناية عز الدين في عام 2020 اقتراحًا قانونيًا يهدف إلى تأمين الحماية للأطفال على الإنترنت، كما يتم العمل على تطوير التشريعات المتعلقة بالجرائم الإلكترونية. وبرغم هذه الجهود، لا يزال الإطار القانوني اللبناني بحاجة إلى تحديث ليتماشى مع تطورات البيئة الرقمية.
وفي هذا السياق، تم تنظيم العديد من المؤتمرات وورش العمل التي تسلط الضوء على مخاطر الإنترنت وكيفية حماية الأطفال منها، كان من أبرزها مؤتمر "استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من قبل الأطفال" الذي عُقد في أيار 2024، إلى جانب مؤتمر "الرقمية في حياة أولادنا" الذي نظمته اليونيسف بالتعاون مع المركز التربوي للبحوث والإنماء. وعلى الرغم من هذه الجهود، ما زال من الضروري تطوير الإطار القانوني اللبناني لضمان حماية فعّالة للأطفال في الفضاء الرقمي.