عبد الله قمح - خاصّ الأفضل نيوز
من الواضح أن العدو الإسرائيلي يعمل على البقاء لأطول فترة ممكنة في جنوب لبنان بادعاء حاجته إلى إنجاز ما يسميه "عمليات التنظيف" والتي يقصد بها عملياً تطهير القرى الحدودية من ما يدعي أنه أنفاق ومنشآت عسكرية تابعة للمقاومة.
وعلى ما يتبين من مداولات لجنة الإشراف على وقف الأعمال العدائية، يدعي العدو باستمرار أن الجيش اللبناني عاجز، حتى الآن، عن أداء هذا الدور، وبالتالي يصبح جيش العدو ملزماً بما يسمى "إزالة التهديد" من جنوب نهر الليطاني.
غير أن الواقع يقول، أن استمرار الجيش الإسرائيلي في اعتداءاته تلك على القرى الحدودية وقيامهم بشكل دائم ومستمر باقتحامات وعمليات إحراق وتفجير، وعدم رغبته في الانسحاب لا سيما من قرى القطاع الشرقي، هي الأسباب التي تدفع الجيش اللبناني لعدم استكمال انتشاره في المنطقة، وليس أي أمر آخر.
على العموم ومع اقتراب انتهاء مهلة الـ60 يوماً التي يجب أن يتمم العدو في آخرها التزاماته لجهة الانسحاب من جنوب الليطاني طبقاً لما نص عليه اتفاق وقف الأعمال العدائية، قام العدو برفع رسالة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب يطلب خلاها دعمه للبقاء في 5 نقاط تقع في جنوب لبنان وهي عبارة عن تلال حاكمة قابضة على عمق الجنوب اللبناني، من دون أن يعلم ما مدى موافقة الولايات المتحدة من عدمها. هذه المسألة أثيرت في الاجتماع الأخير للجنة المراقبة في الناقورة، وأضيف إليها مسألة تتعلق بمدى التزام العدو بالانسحاب ضمن مهلة الـ60 يوماً، وفهم أن العدو الذي يماطل في الانسحاب ويؤخره، ألمح إلى أنه قد يبقى مدة إضافية غير طويلة مدعياً أن عليه إنجاز بعض المهام المشار إليها آنفًا. هذه القضية التي شهدت أخذاً وردًّا داخل الجلسة، حملها رئيس اللجنة الجنرال الأميركي جسبر إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي التقاه بالأمس في حضور السفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون. وبعدما فهم أن اللقاء لم يكن ودِّيًّا بين الطرفين، علم أن الضابط الأميركي أبلغ بري بنية إسرائيل البقاء مدة قصيرة متبقية، ومحاولة استفهام عن موقف الجانب اللبناني من ذلك، وفهم أن الضابط الأميركي يريد أخذ موافقة لبنانية على هذا البقاء مع ضمان عدم التعرض لقوات الجيش الإسرائيلي، وهو ما لم يتجاوب معه بري إطلاقاً، ورد على سائليه بأن الموضوع لا يحتمل التعليق عليه.
على أي حال بات احتمال بقاء جيش العدو مدة إضافية في القطاع الشرقي من جنوب لبنان مسألة مطروحة بالفعل، وسط عدم رغبة لبنانية سبق للجيش أن عبر عنها، ووسط انزعاج كبير يبديه الثنائي الشيعي لاسيما حزب الله، الذي ألمح في بيانه أمس بأن الدولة اللبنانية هي المسؤولة عن إتمام الاتفاق، بمعنى أنه رمى بالمسؤولية على كاهل الدولة التي عليها معالجة الموضوع، وسط عجز رسمي واضح عن الضغط على إسرائيل من أجل إتمام ما اتفق عليه. ويبدو أن الحدود الجنوبية مقبلة على تسخين واضح فيما لو اختار العدو الإسرائيلي عدم الانسحاب أو في مرحلة أخرى البقاء على 5 تلال حاكمة منتشرة من القطاع الشرقي وصولاً للغربي. وفيما لو حصل ذلك، يكون لبنان قد أضاف انتكاسة أخرى إلى المسألة السيادية، خاصة وأن هذا المسار بدأ عملياً منذ اتفاق الترسيم البحري حيث تخلى لبنان عن سيادته عما يسمى خط الطفافات، وفيما بعد اتفاق وقف الأعمال العدائية إذ "دفش" مجرى نهر الليطاني نحو الشمال مضيفاً منطقة بعمق 5 كيلومترات. ويسعى العدو من وراء سيطرته على هذه التلال، ربطها بالسيطرة على جبل الشيخ مؤخراً في سوريا حيث جعل منها موقع رصد تكنولوجي متقدم، بات يبلغ عمق الأردن!