ميشال نصر - خاص الأفضل نيوز
يفتح الأسبوع السياسي والأمني اللبناني على مشهد ضبابي، حكومة لم تُشكل ومراسيمها لم تصدر، فيما مهلة الستين يومًا المحددة لانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من المناطق الجنوبية، بموجب اتفاق وقف النار، انقضت على عشرات الشهداء والجرحى والأسرى، وسط همس عن تراجع الثنائي عن اتفاق أنجز مع المعنيين في الدولة، يقوم على وقف أي تحرك شعبي باتجاه القرى المحتلة، حفاظًا على الأرواح، أولًا، وثانيًا، ترك المجال أمام الاتصالات الدولية.
واقع مُخيّب للآمال نسبياً، أعقب مرحلة انفراجات علّق عليها اللبنانيون آمالًا كبيرة مع انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف رئيس الحكومة إذ توقعوا تشكيلًا سريعًا جداً يكمل مسار الإصلاح، ما وضع البلاد أمام مرحلة انتقالية، دقيقة وصعبة، شكلت جبهة الجنوب إحدها.
غير أن ما حصل في الجنوب، لا بد أن يترك تأثيراته الكبيرة على تشكيل الحكومة، إضافة إلى إعادة بعض التوازن الذي كان قد فقد خلال الأيام الماضية، بعدما نجح حزب الله بتحقيق أكثر من هدف لصالحه في مرمى "المعارضة السابقة"، في "ضربة معلم" الموجة الشعبية التي قادت الرد على خرق اتفاق وقف الأعمال العدائية بين بيروت وتل أبيب.
ومع توالي المواقف السياسية التي تُثني على عودة أهالي الجنوب إلى قراهم رغم التهديدات والاعتداءات الإسرائيلية عليهم بشكل مباشر، نجح الثنائي الشيعي في تثبيت عدد من قواعد اللعبة الجديدة، أبرزها:
- قدرته على الحشد داخل بيئته، تحديدًا في القرى الجنوبية الحدودية المدمرة، وتنظيم تحرك أهلها، وفقًا لخطة منسقة ومحددة.
-اعتماده أسلوب جديد - قديم من أنواع المقاومة، رغم أن كلفته جاءت غالية نسبيًّا، كان اختبره سابقًا في عمليات مواجهة دوريات قوات الطوارئ الدولية، وهي نقطة تشير مصادر مواكبة لعمليات التفاوض اللبنانيّة - الأميركية، بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، قد شكلت هاجسًا لدى اليونيفيل، وتم طلب ضمانات في شأنها.
-نجاح الحزب في إلزام كافة الأطرافِ الداخلية، على مجاراته في خطوته، التي أحرجت الجميع دون استثناء، بدليل المواقف المستنكرة الصادرة.
-استعراضه لقوته الشعبية القادرة على التحرك السلمي عند اي منعطف، حتى داخليًّا في حال قرر الانتقال إلى صفوف المعارضة، ما قد يخلق الكثير من الإشكاليات أمام العمل الحكومي وانطلاقة العهد.
-احتفاظه بقوته الشعبية وبحاضنته الجنوبية، والتي سيكون أمامه معمودية أخرى لإظهار حجمه من خلالها وهي محطة تشييع أمينه العام السابق السيد حسن نصرالله.
مصادر متابعة رأت أن المعطيات الحالية بقدر ما قد يسهل عملية تشكيل الحكومة بقدر ما قد يعقدها، كما بالنسبة للاتفاق الذي اهتز دون أن يقع، في اختبار أميركي على ما يبدو للسلطة اللبنانية الجديدة، وهو ما يطرح الكثير من التساؤلات.
فما يحصل، على ما تقول المصادر، هو نهاية الفصل الأكثر صعوبة من عملية تغيير خارطة الشرق الأوسط، بدءًا من الجنوب وغزة وسوريا، والفصل الثاني من المشهدية يتعلق بالرئيس الأميركي دونالد ترامب في المنطقة وهذا يحمل في طياته الكثير من التحديات، إذ صحيح أن ترامب يريد السلام وهو يدرك أن الوصول إليه يتطلب أحيانا الدخول في حرب وإذا كان لا بد منها فلتكن على جبهة إيران وذلك بعد القضاء على أذرعها في لبنان وغزة بنسبة 60 في المئة وسوريا بشكل كامل.
عليه، نحن أمام أسابيع حاسمة، بدءًا بمساءلة الدول الراعية عن مصير جمع السلاح، جنوب وشمال الليطاني، وصولًا إلى القدرة على تشكيل حكومة تعكس التوازنات السياسية الجديدة، التي باتت أمرًا واقعًا بالنسبة لبعض الأطرافِ السياسية، تختم المصادر.