حمل التطبيق

      اخر الاخبار  ‏باكستان: إصابة 8 أشخاص إثر انفجار بمحيط محكمة في العاصمة   /   ‏الرئيس العراقي: نأمل أن تسير العملية الانتخابية بشكل ديمقراطي ونزيه وشفاف   /   محلقة إسرائيلية القت قنبلة صوتية في بلدة الضهيرة   /   انحسار الحرائق التي شبت أمس في الجرمق والعيشية جراء الغارات الإسرائيلية واستمرارها في الريحان وعرمتى لصعوبة الوصول وإطفائها   /   قيادة الجيش: مناورة "أرز 2025" في مرفأ بيروت اليوم وغداً بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي لمحاكاة طوارئ كيميائية وإشعاعية   /   قوة إسرائيلية تتسلل إلى بلدة عيترون الحدودية وتفجر 3 منازل في حيها الجنوبي الشرقي   /   الجيش الاسرائيلي: خلال ساعات الليلة الماضية دمّرنا عدة مبان استخدمت كبنى تحتية في قرية حولا بجنوب لبنان   /   إعلام روسي: إحباط عملية بريطانية أوكرانية لاختطاف طائرة عسكرية روسية   /   ترامب: نريد أن تنجح سوريا وبقية الشرق الأوسط   /   ترامب: الرئيس السوري أحمد الشرع قائد قوي وأنا أحبه ونفعل كل ما يلزم لإنجاح سوريا   /   ترامب: واثق في أن الشرع سيتمكن من أداء مهام منصبه   /   ترامب عن لقائه بالشرع: أنا على وفاق معه   /   ترامب: نقترب من إنهاء الإغلاق الحكومي   /   الخارجية السورية: أجواء ودية وتبادل هدايا خلال لقاء الشرع ترامب   /   الخارجية السورية: واشنطن عاودت التأكيد على دعمها للتوصل إلى اتفاق أمني بين إسرائيل وسوريا   /   اعلام سوري: تعرّض المتحف الوطني في دمشق أمس لعملية سرقة طالت القسم الكلاسيكي وتكتم يحيط بالتحقيقات   /   الشيباني: تم التأكيد على دعم وحدة سوريا وإعادة إعمارها وإزالة العقبات أمام نهضتها وأنّ الشعب السوري يستحق مستقبلاً أفضل   /   اندلاع حريق عند أطراف بلدة حمانا   /   وزير الخارجية السوري: الرئيس الشرع عقد اجتماعا بناء مع الرئيس ترمب جرى خلاله بحث الملف السوري بجميع جوانبه   /   الدويهي لـ"عشرين 30": وزير المال يقوم بعمل معقول في ما خص الاتفاق مع صندوق النقد ويجب الا نفوت الفرصة وعلينا حماية المشروع السياسي القائم على استعادة الدولة والخروج من المحاور والانتخابات النيابية المقبلة مفصلية   /   وسائل إعلام سورية: قوات العدو الإسرائيلي تفتش منازل المواطنين بعد توغلها في قرية جباتا الخشب بريف القنيطرة الشمالي   /   النائب ميشال الدويهي لـ "عشرين 30": على الدولة اللبنانية أن تفاوض بالطريقة التي تراها مناسبة مع إسرائيل وإذا كلفتني الدولة بالقيام بذلك باسم لبنان الرسميّ فلا مانع لدي   /   الدويهي لـ"‎عشرين 30": مأخذي على الحكومة ورئيس الجمهورية هي ارضاء الرئيس بري ببعض الامور وهذا الامر يجب أن يتوقف وسلوك بري السياسي انقلاب على الدولة والدستور والقانون   /   وسائل إعلام إسرائيلية: الأميركيون يريدون جولة اتصالات أخرى بين "إسرائيل" وسوريا وهم انتظروا حدوث لقاء ترامب والشرع   /   الرئاسة السورية: الشرع بحث مع ترامب تعزيز العلاقات الثنائية وتطويرها   /   

قناةُ بنما في مرمى تصريحات "ترامب": تهديدٌ أم استراتيجية؟

تلقى أبرز الأخبار عبر :


علي ناصر ناصر- خاصّ الأفضل نيوز

 

بدأ وزير الخارجية الأمريكية "ماركو روبيو" أول رحلة خارجية له إلى بنما، ثم سيزور السلفادور وغواتيمالا وكوستاريكا والدومينيكان. ينطلق "روبيو" في زيارته من قوة دفع أطلقها الرئيس "دونالد ترامب" من خلال إعلانين؛ الأول يعلن فيه رغبته بإعادة السيطرة على قناة بنما، والثاني يطلق فيه الحرب التجارية على كولومبيا بسبب موضوع الهجرة. 

 

تعبر الزيارة الأولى التي يقوم بها وزير الخارجية الأمريكية عن الجغرافيا السياسية أو عن المنطقة التي ستوليها الإدارة التي تولت الحكم أهمية متقدمة عن غيرها من الأقاليم والدول، وتعتبرها الأكثر مركزية في إدارة مصالحها الدولية. 

 

بدورها، إدارة الرئيس "جو بايدن" السابقة استهلت عهدها بزيارة وزير الخارجية يرافقه وزير الدفاع إلى اليابان ثم كوريا الجنوبية في رسالة سياسية وعسكرية تعبر عن الاتجاهات التي تنوي إدارته اتباعها اتجاه منطقة جنوب شرق آسيا، وقد ظهرت.

 

قناة بنما القصة "الأمريكية" الكاملة

 

في الحقيقة، فكرة شق قناة تربط المحيط الأطلسي بالهادئ عبر الأراضي البنمية تعود إلى القرن السادس عشر. لكن التنفيذ وعملية الحفر وشق قناة بنما بدأتها فرنسا في أوخر القرن التاسع عشر، ولم تسطع إنهاءها بسبب الأمراض التي تفشت بين العمال وقتلت منهم أكثر من 22 ألف شخص، إضافة إلى التكاليف الباهظة، ومعوقات هندسية. نشير هنا إلى أن السياسي الفرنسي "فرديناند ديليسبس" الذي أشرف على شق قناة السويس هو من كان يتولى الإشراف على شق قناة بنما.

 

 كانت الولايات المتحدة تؤسس للهيمنة على القارة الأمريكية عبر منع التدخل الأوروبي في نصف الكرة الغربي وفق "مبدأ مونرو"، حيث استغلت الاستقلال الحديث لدولة بنما ووقعت معها معاهدة تمنحها شق القناة وإدارتها، وقبلها في عام 1912 قام وزير الخارجية الأمريكية "فيلاندر نوكس" بزيارة إلى بنما ثم أمضى شهرا يتنقل في دول أمريكا اللاتينية. بدأت الولايات المتحدة العمل بشق القناة عام 1904 وانتهت عام 1914 وفق معاهدة وقعتها الدولتان عام 1903، وقضت بأن تسيطر الولايات المتحدة على الأراضي الواقعة على جانبي القناة وتدفع جزءًا من إيراداتها لدولة بنما. 

 

في الواقع، إنَّ سيطرة الولايات المتحدة بالكامل على قناة بنما منذ عام 1914 حتى عام 1977، تاريخ توقيع معاهدة توريخوس-كارتر التي تنصُّ على وضع القناة تحت السيادة البنمية عام 1999 على أن يتم ذلك بشكل تدريجي. المثير هنا أن عدداً من الساسة الأمريكيين على رأسهم الرئيس الأمريكي الأسبق "رونالد ريغان" اعترض على هذه العملية باعتبارها تشكل خطراً على أمن الولايات المتحدة الأمريكية ومصالحها في القارة الأمريكية.

 

 لم تُنهِ اتفاقية توريخوس-كارتر النفوذ الأمريكي داخل بنما بل إن الاتفاقية نفسها لم تكن خياراً تلقائياً أمريكياً، بل كانت نتيجة التصعيد والمطالبة البنمية المستمرة بالسيطرة على القناة ورفع علم بنما داخل منطقة القناة، وكان الشعب البنمي ينظم تظاهرات مستمرة احتجاجاً على السيطرة الأمريكية، أصبحت هذه التظاهرات أكثر تصاعداً وشمولاً بعد أن قتلت القوات الأمريكية 21 بنمياً خلال مظاهرات طلابية ترفض الوجود الأمريكي وتطالب برفع العلم البنمي في منطقة القناة. أكثر من ذلك، لقد اجتاحت الولايات المتحدة بنما عام 1989 وقتلت حوالي 5000 شخص واعتقلت الرئيس البنمي "مانويل نورييغا" ونقلته إلى الولايات المتحدة.

 

 أهمية قناة بنما للولايات المتحدة

 

تعتبر قناة بنما الطريق البحري الأقصر الذي يربط شرق الولايات المتحدة وغربها والعكس، بالإضافة إلى ذلك، تستغرق الرحلة البحرية حوالي 11 يوماً للوصول من ولاية نيويورك إلى ولاية كالفورنيا عبر قناة بنما، وتصل الرحلة البحرية إلى 27 يوماً في حال إغلاق القناة، بالإضافة إلى التكلفة الاقتصادية والمخاطر الناجمة عبر الإبحار في "كيب هورن" وهي المنطقة التي يلتقي فيها المحيط الهادئ والمحيط الأطلسي.

 

تلعب القناة دوراً مركزياً للقوة العسكرية الأمريكية التي هي في حركة مستمرة عبر المحيط الأطلسي والهادئ ونقل القوة العسكرية بين المحيطين أمر أساسي للقوات للبحرية الأمريكية. وقناة بنما نفسها كونها تربط بين المحيطين اللذين يبدأ منهما الأمن القومي الأمريكي لا يمكن أن تتغاضى الولايات المتحدة عن طبيعة القوى التي تدير أو يمكن لها أن تتحكم بها القناة. 

 

الجدير بالذكر، أن قناة بنما لعبت دوراً محوريا في نقل الإمدادات العسكرية خلال الحربين العالميتين، بالإضافة إلى ذلك، تستخدم الولايات المتحدة القناة في الأعمال التجارية البحرية بنسبة تفوق مختلف دول العالم وتليها في ذلك الصين، تشمل التجارة البحرية الساحل الشرقي للولايات المتحدة والساحل الغربي لأمريكا الجنوبية، وشرق آسيا، وأيضاً من الساحل الغربي للولايات المتحدة والساحل الشرقي لدول أمريكا الجنوبية.

 


الخشية الأمريكية من الصين

 

في الحقيقة زيارة "روبيو" إلى أمريكا اللاتينية تحمل اتجاهاً يشمل "الجغرافيا السياسية"، وهي منطقة أمريكا اللاتينية، ويحتوي إطار استراتيجي دولي يتعلق بالصين والتي اعتبر "ترامب" أنها تسيطر على قناة بنما. أكثر من ذلك، لقد تخطت الصين في الشراكة التجارية مع دول أمريكا اللاتينية الولايات المتحدة، وتستثمر الصين في مختلف القطاعات المدنية والعسكرية وخاصة في مجال الموانئ البحرية وضمنها قناة بنما. 

 

في الواقع، تنبع الخشية الأمريكية من القدرة الصينية على تفعيل البنية الشعبية لدول أمريكا اللاتينية التي تناصب العداء للإمبريالية الأمريكية التي أرهقتها تدخلاتها العسكرية والسياسية وجعلت من أنظمتها السياسية هياكل ينخرها الفساد، وسيطرت على قوتها الاقتصادية وجعلت منها تابعة لها ولشركاتها الخاصة حتى أصبحت معظم تلك الأنظمة تسمى "جمهوريات الموز". 

 

حقيقة الموقف الأمريكي

 

تطورت السياسة الخارجية الأمريكية ضمن سياقات متطابقة منذ الاستقلال حتى اليوم وهي تتبع نمطاً يمكن التنبؤ به، وعملت منذ الاستقلال على إنهاء التأثير والنفوذ الأوروبيين في القارة الأمريكية كشرط ضروري لصعود الدولة الجديدة وصدر ضمن السياق هذا "مبدأ مونرو" عام 1823 الذي يهدف إلى منع أي تدخل أوروبي في شؤون القارة الأمريكية. ترى إدارة الرئيس "ترامب" عام 2025، "إن الخطر الذي يحدق بنفوذ الولايات المتحدة هو في حديقتها الخلفية في القارة الأمريكية، ومصدر الخطر هي الصين، وموقع الخطر الرئيسي هي قناة بنما، بحيث إذا أنهينا النفوذ الصيني في القناة سيمكننا ذلك من تحجيم الدور الصيني في كافة دول أمريكا اللاتينية". 

 

لمست الولايات المتحدة الإندفاعة الصينية نحو القارة الأمريكية من خلال مشروع "الحزام والطريق" التي وقعت عليه بنما ومن الناحية العملية تسيطر الشركات الصينية على ميناءين داخل قناة بنما عند طرفي القناة. بالإضافة إلى مجموعة من الاتفاقيات التي وقعتها الصين مع عدد من دول أمريكا الجنوبية. 

 

يأتي تهديد "ترامب" ليضمن مزيدًا من الإحكام والقبض على النصف الغربي من الكرة الأرضية وإعادة إحياء مبدأ مونرو ولكن هذه المرة بنسخة "ترامبية"، والتوجه مباشرة إلى الصين التي أخذت هنا مكان الدول الأوروبية.ويهدف أيضاً إلى إعادة إحياء التأثير الجيوسياسي للولايات المتحدة في القارة الأمريكية. 

 

استنتاج

 

الاتجاه الواضح والوحيد والبارز في عناوين الإدارة الأمريكية الحالية هي جديتها في التعامل مع القارة الأمريكية، وبدأت تلمس الدولة العميقة الأمريكية جدية الخطورة التي تشكلها الصين في قلب القارة الأمريكية. العناوين التي تطرحها الإدارة الأمريكية مثل الهجرة غير الشرعية وتهريب المخدرات ومعاقبة الحكومات اليسارية تعود بالدرجة الأولى إلى السياسة الأمريكية اتجاه دول أمريكا اللاتينية والجنوبية، وعوضاً عن إقامة شراكة حقيقية مع هذه الدول تدفع نحو التنمية المستدامة والاستقلال الوطني الحقيقي. 

 

لم تتخل الولايات المتحدة عن سياساتها اتجاه القارة الأمريكية منذ القرن التاسع عشر ولن تسمح لأي قوة عالمية بالاقتراب منها أو ممارسة نفوذ فيها.