حمل التطبيق

      اخر الاخبار  ماكرون: مولدوفا تواجه تهديدات روسية متزايدة بشكل صارخ   /   رويترز عن الرئيس الفرنسي ماكرون: مولدوفا تواجه تهديدات روسية متزايدة بشكل صارخ   /   عطل يصيب منصة "إكس"   /   روبيو عن اللقاء مع حماس: لقاءٌ لمرة واحدة   /   ويتكوف: يجب على حماس أن تتخلى عن سلاحها وتغادر غزة   /   قوات الاحتلال تدفع بتعزيزات عسكرية إلى مدينة جنين ومخيمها   /   ماسك: منصة X تتعرض لهجوم سيبراني منسق من قبل جماعة أو دولة ما   /   وزير خارجية الدنمارك: مستعدون للمشاركة في مهمة حفظ السلام بأوكرانيا إذا تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار   /   وزير خارجية بريطانيا: تحدثت مع نظيري الأمريكي والأوكراني بشأن الحفاظ على تقدم السلام قبل مفاوضات ‎السعودية   /   ترامب: أدعو الجامعات الأميركية للامتثال لسياستنا بشأن المتعاطفين مع الإرهاب   /   الخارجية الأردنية: قرار الحكومة الإسرائيلية قطع الكهرباء عن غزة يُعدّ إمعاناً واضحاً في سياسة التجويع والحصار   /   ترامب: اعتقال محمود خليل الطالب الأجنبي المتطرف المؤيد لحماس في أعقاب الأوامر التنفيذية التي وقعتها   /   تاس عن مندوب روسيا بالأمم المتحدة: مجلس الأمن يحاول الاتفاق على وثيقة بشأن ‎سوريا وعازم على تبنيها في أقرب وقت   /   اللجنة الدولية للصليب الأحمر: على إسرائيل ضمان تلبية الاحتياجات الأساسية لسكان غزة والسماح بمرور المساعدات   /   العدو الإسرائيلي يطلق النار من موقع رامية باتجاه مدرسة البلدة   /   روبيو: المناقشات بشأن صفقة المعادن بين واشنطن وكييف مستمرة وقد لا يتم التوصل لاتفاق خلال اجتماع الغد في السعودية   /   التحكم المروري: حركة المرور كثيفة من ساحة ساسين باتجاه اوتيل ديو ‎الاشرفية   /   قوات الاحتلال تقتحم منازل في حي الغبس بمدينة جنين وتجبر الأهالي على النزوح   /   غانتس: معلوم للجميع أن توزيع المدفوعات على فترة زمنية له ثمن هو الفائدة لذا من مصلحتنا دفع ثمن باهظ مرة واحدة   /   خفر السواحل البريطاني: 32 قتيلا حصيلة تصادم ناقلة وسفينة شحن في بحر الشمال   /   غانتس: إطالة الصفقة وتأجيل المفاوضات يخدم حماس لأنها تحتاج لإعادة تأهيل نفسها وكان ينبغي للمفاوضات بشأن المرحلة التالية أن تبدأ وتنتهي منذ فترة طويلة   /   هيئة شؤون الأسرى: إدارة سجن الدامون أبلغت الأسيرات الفلسطينيات بمواعيد إفطار خاطئة وأعطتهن طعاما فاسدا وقليلا   /   رويترز عن مسؤول أمريكي: نريد أن نرى ما إذا كان الأوكرانيون مهتمين ليس فقط بالسلام بل بالسلام القابل للتحقق   /   مسؤول إسرائيلي: فريق المفاوضين الإسرائيليين غادر إلى الدوحة لمناقشة الهدنة في غزة   /   التحكم المروري: حركة المرور كثيفة من ‎ذوق مكايل باتجاه ‎جونيه   /   

قناةُ بنما في مرمى تصريحات "ترامب": تهديدٌ أم استراتيجية؟

تلقى أبرز الأخبار عبر :


علي ناصر ناصر- خاصّ الأفضل نيوز

 

بدأ وزير الخارجية الأمريكية "ماركو روبيو" أول رحلة خارجية له إلى بنما، ثم سيزور السلفادور وغواتيمالا وكوستاريكا والدومينيكان. ينطلق "روبيو" في زيارته من قوة دفع أطلقها الرئيس "دونالد ترامب" من خلال إعلانين؛ الأول يعلن فيه رغبته بإعادة السيطرة على قناة بنما، والثاني يطلق فيه الحرب التجارية على كولومبيا بسبب موضوع الهجرة. 

 

تعبر الزيارة الأولى التي يقوم بها وزير الخارجية الأمريكية عن الجغرافيا السياسية أو عن المنطقة التي ستوليها الإدارة التي تولت الحكم أهمية متقدمة عن غيرها من الأقاليم والدول، وتعتبرها الأكثر مركزية في إدارة مصالحها الدولية. 

 

بدورها، إدارة الرئيس "جو بايدن" السابقة استهلت عهدها بزيارة وزير الخارجية يرافقه وزير الدفاع إلى اليابان ثم كوريا الجنوبية في رسالة سياسية وعسكرية تعبر عن الاتجاهات التي تنوي إدارته اتباعها اتجاه منطقة جنوب شرق آسيا، وقد ظهرت.

 

قناة بنما القصة "الأمريكية" الكاملة

 

في الحقيقة، فكرة شق قناة تربط المحيط الأطلسي بالهادئ عبر الأراضي البنمية تعود إلى القرن السادس عشر. لكن التنفيذ وعملية الحفر وشق قناة بنما بدأتها فرنسا في أوخر القرن التاسع عشر، ولم تسطع إنهاءها بسبب الأمراض التي تفشت بين العمال وقتلت منهم أكثر من 22 ألف شخص، إضافة إلى التكاليف الباهظة، ومعوقات هندسية. نشير هنا إلى أن السياسي الفرنسي "فرديناند ديليسبس" الذي أشرف على شق قناة السويس هو من كان يتولى الإشراف على شق قناة بنما.

 

 كانت الولايات المتحدة تؤسس للهيمنة على القارة الأمريكية عبر منع التدخل الأوروبي في نصف الكرة الغربي وفق "مبدأ مونرو"، حيث استغلت الاستقلال الحديث لدولة بنما ووقعت معها معاهدة تمنحها شق القناة وإدارتها، وقبلها في عام 1912 قام وزير الخارجية الأمريكية "فيلاندر نوكس" بزيارة إلى بنما ثم أمضى شهرا يتنقل في دول أمريكا اللاتينية. بدأت الولايات المتحدة العمل بشق القناة عام 1904 وانتهت عام 1914 وفق معاهدة وقعتها الدولتان عام 1903، وقضت بأن تسيطر الولايات المتحدة على الأراضي الواقعة على جانبي القناة وتدفع جزءًا من إيراداتها لدولة بنما. 

 

في الواقع، إنَّ سيطرة الولايات المتحدة بالكامل على قناة بنما منذ عام 1914 حتى عام 1977، تاريخ توقيع معاهدة توريخوس-كارتر التي تنصُّ على وضع القناة تحت السيادة البنمية عام 1999 على أن يتم ذلك بشكل تدريجي. المثير هنا أن عدداً من الساسة الأمريكيين على رأسهم الرئيس الأمريكي الأسبق "رونالد ريغان" اعترض على هذه العملية باعتبارها تشكل خطراً على أمن الولايات المتحدة الأمريكية ومصالحها في القارة الأمريكية.

 

 لم تُنهِ اتفاقية توريخوس-كارتر النفوذ الأمريكي داخل بنما بل إن الاتفاقية نفسها لم تكن خياراً تلقائياً أمريكياً، بل كانت نتيجة التصعيد والمطالبة البنمية المستمرة بالسيطرة على القناة ورفع علم بنما داخل منطقة القناة، وكان الشعب البنمي ينظم تظاهرات مستمرة احتجاجاً على السيطرة الأمريكية، أصبحت هذه التظاهرات أكثر تصاعداً وشمولاً بعد أن قتلت القوات الأمريكية 21 بنمياً خلال مظاهرات طلابية ترفض الوجود الأمريكي وتطالب برفع العلم البنمي في منطقة القناة. أكثر من ذلك، لقد اجتاحت الولايات المتحدة بنما عام 1989 وقتلت حوالي 5000 شخص واعتقلت الرئيس البنمي "مانويل نورييغا" ونقلته إلى الولايات المتحدة.

 

 أهمية قناة بنما للولايات المتحدة

 

تعتبر قناة بنما الطريق البحري الأقصر الذي يربط شرق الولايات المتحدة وغربها والعكس، بالإضافة إلى ذلك، تستغرق الرحلة البحرية حوالي 11 يوماً للوصول من ولاية نيويورك إلى ولاية كالفورنيا عبر قناة بنما، وتصل الرحلة البحرية إلى 27 يوماً في حال إغلاق القناة، بالإضافة إلى التكلفة الاقتصادية والمخاطر الناجمة عبر الإبحار في "كيب هورن" وهي المنطقة التي يلتقي فيها المحيط الهادئ والمحيط الأطلسي.

 

تلعب القناة دوراً مركزياً للقوة العسكرية الأمريكية التي هي في حركة مستمرة عبر المحيط الأطلسي والهادئ ونقل القوة العسكرية بين المحيطين أمر أساسي للقوات للبحرية الأمريكية. وقناة بنما نفسها كونها تربط بين المحيطين اللذين يبدأ منهما الأمن القومي الأمريكي لا يمكن أن تتغاضى الولايات المتحدة عن طبيعة القوى التي تدير أو يمكن لها أن تتحكم بها القناة. 

 

الجدير بالذكر، أن قناة بنما لعبت دوراً محوريا في نقل الإمدادات العسكرية خلال الحربين العالميتين، بالإضافة إلى ذلك، تستخدم الولايات المتحدة القناة في الأعمال التجارية البحرية بنسبة تفوق مختلف دول العالم وتليها في ذلك الصين، تشمل التجارة البحرية الساحل الشرقي للولايات المتحدة والساحل الغربي لأمريكا الجنوبية، وشرق آسيا، وأيضاً من الساحل الغربي للولايات المتحدة والساحل الشرقي لدول أمريكا الجنوبية.

 


الخشية الأمريكية من الصين

 

في الحقيقة زيارة "روبيو" إلى أمريكا اللاتينية تحمل اتجاهاً يشمل "الجغرافيا السياسية"، وهي منطقة أمريكا اللاتينية، ويحتوي إطار استراتيجي دولي يتعلق بالصين والتي اعتبر "ترامب" أنها تسيطر على قناة بنما. أكثر من ذلك، لقد تخطت الصين في الشراكة التجارية مع دول أمريكا اللاتينية الولايات المتحدة، وتستثمر الصين في مختلف القطاعات المدنية والعسكرية وخاصة في مجال الموانئ البحرية وضمنها قناة بنما. 

 

في الواقع، تنبع الخشية الأمريكية من القدرة الصينية على تفعيل البنية الشعبية لدول أمريكا اللاتينية التي تناصب العداء للإمبريالية الأمريكية التي أرهقتها تدخلاتها العسكرية والسياسية وجعلت من أنظمتها السياسية هياكل ينخرها الفساد، وسيطرت على قوتها الاقتصادية وجعلت منها تابعة لها ولشركاتها الخاصة حتى أصبحت معظم تلك الأنظمة تسمى "جمهوريات الموز". 

 

حقيقة الموقف الأمريكي

 

تطورت السياسة الخارجية الأمريكية ضمن سياقات متطابقة منذ الاستقلال حتى اليوم وهي تتبع نمطاً يمكن التنبؤ به، وعملت منذ الاستقلال على إنهاء التأثير والنفوذ الأوروبيين في القارة الأمريكية كشرط ضروري لصعود الدولة الجديدة وصدر ضمن السياق هذا "مبدأ مونرو" عام 1823 الذي يهدف إلى منع أي تدخل أوروبي في شؤون القارة الأمريكية. ترى إدارة الرئيس "ترامب" عام 2025، "إن الخطر الذي يحدق بنفوذ الولايات المتحدة هو في حديقتها الخلفية في القارة الأمريكية، ومصدر الخطر هي الصين، وموقع الخطر الرئيسي هي قناة بنما، بحيث إذا أنهينا النفوذ الصيني في القناة سيمكننا ذلك من تحجيم الدور الصيني في كافة دول أمريكا اللاتينية". 

 

لمست الولايات المتحدة الإندفاعة الصينية نحو القارة الأمريكية من خلال مشروع "الحزام والطريق" التي وقعت عليه بنما ومن الناحية العملية تسيطر الشركات الصينية على ميناءين داخل قناة بنما عند طرفي القناة. بالإضافة إلى مجموعة من الاتفاقيات التي وقعتها الصين مع عدد من دول أمريكا الجنوبية. 

 

يأتي تهديد "ترامب" ليضمن مزيدًا من الإحكام والقبض على النصف الغربي من الكرة الأرضية وإعادة إحياء مبدأ مونرو ولكن هذه المرة بنسخة "ترامبية"، والتوجه مباشرة إلى الصين التي أخذت هنا مكان الدول الأوروبية.ويهدف أيضاً إلى إعادة إحياء التأثير الجيوسياسي للولايات المتحدة في القارة الأمريكية. 

 

استنتاج

 

الاتجاه الواضح والوحيد والبارز في عناوين الإدارة الأمريكية الحالية هي جديتها في التعامل مع القارة الأمريكية، وبدأت تلمس الدولة العميقة الأمريكية جدية الخطورة التي تشكلها الصين في قلب القارة الأمريكية. العناوين التي تطرحها الإدارة الأمريكية مثل الهجرة غير الشرعية وتهريب المخدرات ومعاقبة الحكومات اليسارية تعود بالدرجة الأولى إلى السياسة الأمريكية اتجاه دول أمريكا اللاتينية والجنوبية، وعوضاً عن إقامة شراكة حقيقية مع هذه الدول تدفع نحو التنمية المستدامة والاستقلال الوطني الحقيقي. 

 

لم تتخل الولايات المتحدة عن سياساتها اتجاه القارة الأمريكية منذ القرن التاسع عشر ولن تسمح لأي قوة عالمية بالاقتراب منها أو ممارسة نفوذ فيها.