علا عيد - خاصّ الأفضل نيوز
الانتخابات النيابية القادمة ستكون المحطة الديمقراطية الأكثر أهمية في تاريخ لبنان الجديد، حيث سيكون النقاش حادًا بين الفرقاء اللبنانيين حول هوية لبنان الواحد أو لبنان المقسّم بحسب أهواء الغرب والعملاء المحليين، سواء على مستوى الأغلبية أو المعارضة، رغم كون الولاية الحكومية السلامية التي انطلقت غداة انتخاب جوزاف عون رئيسًا للجمهورية بالكاد تجاوزت النصف الأول من لبنان في تشكيلتها أو أنها بقيت عند حدود الجامعة الأميركية في بيروت.
وعلى هذا النحو، باتت النخب السياسية، سواء على مستوى البرلمان أو داخل اجتماعات مكاتب الأحزاب، تبين وجود حرص منها على الاستعداد الجيد للانتخابات المقبلة، بما يضمن لها التموضع من جديد ضمن الخريطة السياسية الوطنية اللبنانية، خصوصًا بالنسبة للتكتلات التي باتت ترى نفسها مستهدفة بعد أن تم تغييبها في التشكيلة الحكومية، وبالتالي باتت مضطرة لبذل جهد من أجل الإمساك بزمام الأمور مستقبلاً.
لذلك، نرى أن الحياة السياسية بالنسبة لبعض الأحزاب والقيادات لن تبقى جامدة خلال الفترة الراهنة، خصوصًا على مستوى المناطق المهمشة، وذلك على عكس بعض المناطق الأخرى حيث تبقى توجهات الأحزاب فارغة وضعيفة ولا تعرف أي توجهات لتأطير المواطنين.
وفي الحديث عن المناطق التي همّشها سلام في تشكيلته الحكومية، لا بدّ من المرور بالمرشحين الشعبويين الذين بدأوا بتقديم خطاب سياسي طائفي وشعبوي من منطلق الدفاع عن الطائفة، بالإضافة إلى طرحهم إشكالية الفدرلة ومحاولة تسويقها.
على عكس ورشات العمل التي قامت بها بعض الأحزاب الأخرى، حيث اقتصر النقاش على المواضيع الاقتصادية والاجتماعية في الوقت الراهن، وهذا الأمر يظل محمودًا ومرغوبًا فيه إذا كان ينتظم للقانون وروح الدستور وينضبط للمقتضيات المؤطرة للانتخابات التي تقترب شيئًا فشيئًا، خاصة أن المرحلة الحالية لها خصوصياتها بشكل كبير، حيث نجد أن هناك ما يسمى بشرق أوسط جديد وهجوم غير مسبوق للولايات المتحدة الأميركية والسفارات الدولية وصندوق النقد الدولي على لبنان.
فكيف ستكون المرحلة المقبلة بالنسبة للتحضير للانتخابات النيابية 2026 وكيف سيكون شكل الخطاب السياسي؟ تبقى هذه الأسئلة الإشكالية مفتوحة وقابلة للنقاش طالما أن الساحة اللبنانية مشرّعة أبوابها للقريب والغريب.
إلا أنه في سياق التحليل السوسيوسياسي وتحليل الخطاب، يمكننا القول إن الخطاب السياسي القادم في لبنان يشترط أن يرتبط بشكل جدلي بأسلوب الإقناع الذي يعدّ عنصرًا مهمًا في العملية السياسية، حيث يتجلى في كل مظاهرها. فهو الأرضية التي تنطلق منها الدعاية السياسية للمرشحين.
وهنا نشير إلى أن هناك من يذهب إلى اعتبار أن الإقناع السياسي هو نفسه الدعاية السياسية، وهذا راجع إلى كون الدعاية السياسية لا وجود لها أساسًا بدونه. لذلك نعتبر أن الإقناع حاضر بقوة في الخطب السياسية، حيث تنطوي الخطب على حمولة إقناعية قوية، ومعبأة باستراتيجيات متنوعة للإقناع، ويعتبر الإقناع السياسي المحرك الأساسي في الحملات الانتخابية.
تأسيسًا على ذلك، من المتوقع أن تنخرط الحملات الانتخابية القادمة في لعبة التلاعب على كل المستويات، وخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي التي يصعب مراقبتها ومحاسبتها، في التشكيك بنزاهة العملية الانتخابية خلال اليوم الانتخابي وبعد إغلاق أقلام الاقتراع وإعلان النتائج، حتى تقديم الطعون أمام المجلس الدستوري.
كما من المتوقع أن نشهد المزيد من حملات التضليل والتلاعب (إشاعات، أخبار مغلوطة وزائفة) ترتبط بحالة الانقسام الطائفي والمذهبي والحزبي الذي خلق حالة من الكراهية والإساءة التي من المفترض أن يتعرض لها كل مرشح وطني سيادي مقاوم للاحتلال وللنظام الطائفي الذي أهلك لبنان.