كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
أوَّل استحقاق ديمقراطيّ وقانونيّ ينتظر عهد الرئيس جوزاف عون، والحكومة برئاسة نواف سلام، هو الانتخابات البلديّة والاختياريّة، والتي تعرف بالسُّلطة المحلّيّة، وتمَّ تأجيلها عامًا واحدًا، بسبب ظروف الحرب في جنوب لبنان، الذي كان "جبهة إسناد لغزّة" فتحها "حزبُ اللَّه".
واعتاد لبنان على إرجاء استحقاقاته الانتخابيّة، من بلديَّة واختياريَّة وسياسيَّة ورئاسة الجمهوريّة، وبعضها امتدَّ إلى عقود، ولأسباب متعدِّدة، كان منها الحرب الأهليَّة التي امتدَّت نحو ١٥ عامًا، إلى خلاف على قوانين، أو عدم ملاءمة الأجواء السِّياسيَّة، وتسبَّب ذلك بخسائر عدَّة للبنان على كلِّ المستويات، وأبرزها عدم انتظام عمل مؤسَّساته الدُّستوريّة، وخلق أمر واقع من زوايا عدَّة.
فالانتخابات المحلّيَّة، من مجالس بلديّة واختياريّة، بدأت وزارةُ الداخليَّة في عهد وزيرها السَّابق بسام مولوي، الإعداد لها، ونشرت لوائح القيد على المحافظات والأقضية والمناطق، وكان وعد من الوزير مولوي بأنَّها ستحصل في مواعيدها خلال شهر أيَّار القادم، فجاء انتخاب رئيس الجمهوريّة وتشكيل حكومة تنتظر الثِّقة الجديدة التي لم تأتِ في بيانها الوزاري الذي سيتلوه رئيسها سلام أمام مجلس النّواب، الثلاثاء المقبل، على ذكر الانتخابات البلديّة والاختياريَّة، بل عن قانون جديد للانتخابات النِّيابيّة.
وتسرَّبت معلومة بأنَّ وزير الدَّاخليّة الجديد أحمد الحجار يتَّجه إلى تأجيل الانتخابات البلديّة والاختياريَّة، ولم يلبث أن نفى الخبر، بما يعني أنَّ وزارته ستتابع ما بدأه سلفه الوزير مولوي، وهذا ما سيتَّضح مع استمرارِ دوائر وزارة الداخليَّة بالإعداد لها، وهي لا تبعد سوى شهرين ونصف الشَّهر.
وهذه الانتخابات التي إذا حصلت، ستفرز تحوُّلاتٍ سياسيَّة، وإن كانت تعطي طابعًا عائليًّا، إلَّا أنَّها باتت سياسيَّة بامتياز، مع دخول الأحزاب والتَّيّارات على المشاركة المباشرة فيها، وهذا ما ظهر مع ما طرحه رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري في الذكرى العشرين لاستشهاد والده رفيق الحريري، بأنَّه سيشارك في الانتخابات البلديَّة والاختياريَّة، لا سيَّما في المدن الثَّلاث، بيروت وطرابلس وصيدا، كأوَّل ممارسة للعمل السياسيِّ الذي علَّقه في كانون الثاني ٢٠٢٢، ولم يشارك "تيَّار المستقبل" في الانتخابات النّيابيّة في ذلك العام، وأنَّ الحريري لم يعلن بعد خوض الانتخابات النّيابيّة في استحقاقها في أيار ٢٠٢٦، وترك الأمر معلَّقًا لأنَّ "كلّ شيء في وقته حلو".
فبعد نيل الحكومة الثِّقة، سيتقرَّر ما إذا كانت ستجري الانتخابات البلديّة والاختياريّة أم لا، وهي مرهونة بأوقاتها كما يقول رئيس الحكومة لمراجعيه، دون أن ينفي أو يؤكِّد حصولها أو تأجيلها، وإن كان يميل إلى أن تحصل في موعدها، الذي بات ضاغطًا، وأنه سيتشاور في هذا الموضوع مع رئيس الجمهوريّة كما مع رئيس مجلس النّواب نبيه برّي الَّذي كان هو وراء تأجيل الانتخاب مع "حزب اللَّه" بسبب الوضع الأمني والعسكري والديمغرافي وتهجير الأهالي.
والانتخابات البلديّة والاختياريّة التي تأجلت بسبب الحرب، فإنَّ إجراءها بات ضروريًّا، لمواكبة الإعمار، من بنى تحتيَّة وأبنية ومنازل، وهي بحاجة إلى إدارات محلِّيّة، إذ تسبَّبت الحرب بإزالة معالم وتداخل أملاك مع بعضها، وهذا ما يحتِّم وجود البلديات والهيئات الاختياريَّة التي يقع على عاتقها إعادة تكوين سجلَّات قيد نفوس مع آلاف الشُّهداء ومنهم عوائل، وما يستتبع من توريث، وتثبيت وفاة، وتسجيل ولادات.