كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
يعيش "حزبُ اللَّه" في مرحلة "استراحة المُحارب"، كما أعلن أمينه العام الشَّيخ نعيم قاسم، لكن إلى حين، وترك مسألة معالجة استمرار الاحتلال الإسرائيلي للنقاط الخمس في الشريط الحدودي مع فلسطين المحتلّة، إضافة إلى احتلاله لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشَّمالي لبلدةِ الغجر، للدولة اللبنانيّة، التي وافق الشيخ قاسم، أن تكون حصريّة السِّلاح لها بحفظ الأمن والدفاع عن لبنان، ولكن هذا الدور الحصري وهو ضروري وشرعي ودائم، يجب أن يقترن بأفعال، ولفترة زمنيَّة محددة.
فالدَّولة وعلى رأسها العماد جوزاف عون، قرَّرت سلوك طريق الحلِّ الدِّبلوماسي والسِّلمي، لاستعادة الأراضي المحتلَّة، وهي فترة سماح لهذا الشِّعار الذي لجأ إليه لبنان الرَّسمي منذ ما بعد قيام الكيان الصُّهيوني الغاصب في العام ١٩٤٨ على أرض فلسطين، واعتبرت الجهات الرَّسميّة وأطراف سياسيَّة وحزبيَّة، أن لبنان محمي باتفاقيَّة الهدنة، وبصداقاته الدوليَّة، وليس بحاجة إلى أن يبني جيشًا مسلَّحًا بعقيدة قتاليَّة، ومستعدًّا لمواجهة العدوِّ الإسرائيليِّ الذي له أطماع في لبنان، وانتزع منه سبع قرى تحوَّلت إلى مستوطنات، ومنع لبنان من استثمار مياهه في نهري الوزاني والليطاني، وكان يدخل إلى قرى وبلدات في الجنوب، يقتل ويخطف ويدمر، ويصل إلى بيروت ويفجِّر طائرات تابعة لـ "شركة طيران الشَّرق الأوسط" في ٢٨ كانون الأول ١٩٦٨ في المطار، ويغتال ثلاثة من قادة حركة "فتح" في منطقة فردان وسط بيروت في نيسان ١٩٧٣، ويغير بطائراته على مناطق لبنانية ومخيَّماتِ فلسطينيَّة، وذريعته وجود مقاومة في لبنان، فلسطينيَّة ووطنيَّة لبنانيَّة.
فلبنان الرَّسمي لم يدافع عن نفسه، لأنَّ المسؤولين فيه وتحديدًا الانعزال اللُّبناني، بأنَّ "قوَّة لبنان في ضعفه"، وهي مقولة كان يردِّدها رئيس حزب الكتائب الشيخ بيار الجميل، في وقت كان عميد الكتلة الوطنية ريمون إده، يعلن بأن لبنان يحميه "البوليس الدولي"، لكن أي من الشِّعارين حمى لبنان الذي انقسم شعبه، بين من هو مع المقاومةِ، ومن هو مع الاستسلام أمام العدوِّ الإسرائيليِّ، فتسبَّب هذا الانقسام بـ "حرب أهليّة" ساهمت فيها عوامل خارجيّة، وأدَّى ذلك إلى احتلالين عام ١٩٧٨ و١٩٨٢، ولم يخرج العدوُّ الإسرائيليُّ من لبنان إلَّا بالمقاومة في ٢٥ أيار ٢٠٠٠.
و"حزب اللَّه" الذي يؤكِّد على استمرارِ المقاومة، أفسح للدَّولة وجيشها أن يقوم بمهمَّة تحرير الأرض، وقرَّرت الحكومة برئاسة نواف سلام، أن تلجأ إلى القرار ١٧٠١، الذي لم ينفِّذه العدوُّ الإسرائيليُّ منذ العام ٢٠٠٦، وخرقه آلاف المرَّات، واستمرَّ باحتلاله لأرض لبنانيَّة وتجاوزه للخطِّ الأزرق في ١٣ نقطة، ووافق "حزب اللَّه" على وقف إطلاق النار، استنادًا إلى القرار ١٧٠١ الذي في بنوده تحدَّث عن انتشار للجيش اللُّبناني مع القوّات الدوليَّة جنوب نهر اللِّيطاني، وأن لا يكون سلاح فيه إلَّا للجيش اللُّبناني الذي استكملَ انتشاره، وأعلن "حزب اللَّه" انتهاء وجوده المسلَّح، إلَّا أنَّ العدوَّ الإسرائيليَّ ومعه أميركا وأطراف لبنانيَّة، يريدون من "حزبِ اللّه" أن يسلِّم سلاحه بالكامل عملًا بالقرار ١٥٥٩، وأن لا يكون له وجود مسلَّح شمال الليطاني، وهذا ما يرفضه "حزبُ اللَّه" الذي يؤكِّد قادته، بأنَّ السِّلاح هو احتياط بقوة لبنان الذي للعدوِّ الإسرائيليِّ أطماع فيه، وأنَّ الخطر الإسرائيليّ يبقى قائمًا لأنَّه توسعيٌّ واستيطانيٌّ، وأنَّ مستوطنين حضروا إلى تلّ العباد لإقامة صلاة لأحد أنبيائهم داخل لبنان، وهم يستعدُّون لضمِّ أراض لبنانيّة، وإقامة مستوطنات عليها، كما كان سيحصل في بلدة مارون الراس وغيرها.
فالادعاء بأنَّ قرار الحرب والسِّلم بيد الدولة، من قبل أطراف سياسيَّة لبنانيَّة، الغاية منه، هي أخذ لبنان إلى السَّلام مع العدوِّ الإسرائيليِّ، وهو ما أكَّد عليه المبعوث الأميركي إلى الشَّرق الأوسط ستيف ويتكوف، وتمَّ ربط توقيع لبنان لاتفاق سلام مع الكيان الصُّهيوني، بإعادة الإعمار، على أن يسبق ذلك قيام الجيش اللُّبنانيِّ بنزع سلاح "حزب اللَّه" وتدميره، وهو تحت الاختبار، أو أنَّ العدوَّ الإسرائيليَّ يواصل اعتداءاته خارقًا اتفاق وقف إطلاق النَّار، في ظلِّ غيابٍٍ للَّجنة المراقبة لتطبيق الاتفاق، وانكفاء للحكومة اللّبنانيّة عن دورها، سوى بالتَّصريحات.
من هنا يؤكِّد "حزبُ اللَّه" أنَّه في "استراحة المُحارب".