ميشال نصر - خاص الأفضل نيوز
خلافًا لكل ما يتردد عن أن جلسة مجلس الوزراء الفعلية الأولى، كانت أقل من عادية، تبين الوقائع عكس ذلك، مع كل ما حملته من رسائل ومؤشرات، فتحت الباب أمام التحليل ورسم السيناريوهات، خصوصا أنها استتبعت بلقاء أمس بين الرئيسين عون وبري في بعبدا، حمل البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية بعده الكثير من المعاني.
فإقرار موازنة الحكومة السابقة وإصدارها بمرسوم، مع إعطاء وزير المالية الحق باستخدام سلطته في "تعديل تنفيذها" استنسابيًا، من جهة، وعدم صدور تعييناتها الأمنية المرتقبة، من جهة، وتقدم رفع سن التقاعد للسفراء، مع ما رافق ذلك من معارضات وزارية، قواتية في ما خص الموازنة، واشتراكية، لجهة رفع السن، لحجة تخالف المطالعة السابقة للقاء الديمقراطي التي تحت عنوانها مرّر رفع سن التقاعد للعمداء، كلها أمور غير عادية، وقرارات استثنائية، لحكومة عهد "بعدو عم يقلع".
وفي هذا الإطار لا بد من التوقف عند ثلاث نقاط رئيسية:
-إصدار الموازنة العامة لعام 2025 بكل شوائبها ومخالفاتها بمرسوم، على أن يطبق وزير المال صلاحياته التي أعطاه إياها قانون المحاسبة العمومية، فيما خص تعديل بعض المواد المتعلقة بضرائب ورسوم، خصوصا أن الجو العام الذي بلغ الوزراء يتحدث عن إمكان تحرك الشارع في حال تنفيذها كما هي، في وقت تردد فيه أن المجلس الدستوري سيرد أي طعن يقدم، حيث علم أن كتلة لبنان القوي تدرس القيام بتلك الخطوة.
-قرار نقل جلسات مجلس الوزراء الى المقر الخاص في منطقة المتحف، والذي بدأت عملية ترميمه، في بادرة شكلية وإنما معبرة، لجهة تمسك رئيس الحكومة بتطبيق اتفاق الطائف حرفيًا، رغم كل التداعيات التي قد يخلفها هذا القرار على حرية الحركة في العاصمة.
وعلى هذا الصعيد رأت أوساط متابعة أن الحديث عن تطبيق الطائف والمباشرة بذلك أمر مهم، إلا أن الخطوة لن تكون سهلة، لما ستؤدي إليه من اشتباك طائفي ومعارك صلاحيات، خصوصا في تلك الفترة المفصلية، أضف الى ذلك مشكلة "الشعبية" التي يعاني منها رئيس الحكومة نواف سلام.
-الاختلاف حول ملف التعيينات، بوجهها الامني، والتي سادت حالة من الإرباك الواضح بشأنها بدليل التسريبات المتناقضة التي استمرت حتى مع انطلاق الجلسة، عن إمكان طرحها من خارج جدول الأعمال كما درجت العادة، ووفقا لآلية استثنائية خاصة، حيث يحال اسم وحيد لمجلس الوزراء من قبل الوزير المختص، بعد اتفاق الرؤساء الثلاث.
وقد لفت في هذا الخصوص كلام وزير الإعلام الذي قال فيه أن "الحكومة غير مستعجلة التعيينات"، فالمطلوب وفقا لمصادر مواكبة للاتصالات "السرعة وليس التسرع"، فالأمر على درجة عالية من الدقة، وتحديدا فيما خص التعيينات الأمنية والمالية، نظرًا لضرورة وجود تقاطع دولي – داخلي حولها، في ظل الظروف الحالية.
وتتابع المصادر بأن تلك التعيينات ستكون أحد المؤشرات على جدية العهد والحكومة، في تنفيذ التعهدات المقطوعة بالتغيير والإصلاح، وإحدى أوراق الاعتماد التي ستقدمها بيروت للدول التي تقدم الدعم والمساعدة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، التي تتابع وتراقب عن كسب هذه العملية، خصوصًا أمنيا وعسكريًا، حيث الاستثمار الأميركي الأكبر في لبنان، لاجتياز القطوع الأول في رحلة إعادة ترميم الثقة بالدولة والمؤسسات، حيث ما عادت الأقوال والنوايا كافية أو قابلة للصرف.
وتضيف المصادر أن "الترويكا الرئاسية" تدرك جيدا مدى الجدية الخارجية في متابعة كل خطوة يتم القيام بها، وعلى هذا الأساس، يخضع ملف التعيينات لبحث جدي ومعمق بين الرؤساء لتعيين الأكفّاء والمؤهلين للمناصب الحساسة أمنيا وقضائياً، من دون أن يخلو الأمر من الأخذ والرد ومحاولة الضغط لتعيين هذا أو استبعاد ذاك.
وختمت المصادر بأن نقطة الاختلاف الأساسية، وفقا لمعطيات وزارية، تتمحور حول وجهتي نظر، الأولى تدعو الى تعيينات "بالتقسيط" أما الثانية، فإلى "سلة كاملة"، للحفاظ على معنويات الضباط، خصوصًا أن ثمة قانونا قد صدر مدد للجميع، بمن فيهم من سيوضعون بالتصرف، مع إقرار التعيينات الجديدة، وهي مشكلة بنيوية تحتاج الى معالجة سريعة، في موازاة ملف التعيينات، لإطلاق عجلة العمل.
فهل ينجح الرؤساء في تمرير تعيينات توحي الثقة وتعيد الاعتبار للدولة الموضوعة تحت المجهر، أم أن الاعتبارات التقليدية والتاريخية ستفعل فعلها في مجال وضع العصي في دواليب العهد منذ بداياته؟