حمل التطبيق

      اخر الاخبار  حاكم مصرف لبنان كريم سعيد عن اجتماعاته مع صندوق النقد: تقدّم مرضٍ   /   ‏أكسيوس: ترامب سيتحدث مع بوتين اليوم قبل اجتماعه مع زيلينسكي   /   نتنياهو تعليقا على مقتل رئيس أركان الحوثيين: سنصل إلى الجميع   /   غارة إسرائيلية تستهدف منطقة بنعفول جنوب لبنان   /   مصادر "الحدث": أول جلسة محاكمة لـ"هانيبال القذافي" تعقد غدا في قصر العدل في بيروت   /   الإعلام الحربي اليمني: تعيين اللواء الركن يوسف حسن المداني رئيساً لهيئة الأركان العامة   /   كاتس: سنواصل تنفيذ هجمات ضد الحوثيين في المستقبل   /   ‏مديرة صندوق النقد الدولي: آمل في الاتفاق على برنامج خاص بلبنان   /   مديرة صندوق النقد الدولي: يجب الحفاظ على وقف إطلاق النار في قطاع غزة والسلام سيعود بالنفع على المنطقة   /   المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية: استلمنا رفات 9 من الرهائن ونطالب حماس بإعادة باقي الجثامين البالغ عددها   /   قوى الأمن الداخلي: تدابير سير اعتبارًا من صباح يوم غد ولمدّة 3 أيّام في الأوزاعي بسبب أعمال تعبيد وتأهيل   /   حركة المرور كثيفة محلة أنفاق ‎المطار باتجاه ‎خلدة   /   حركة المرور كثيفة على اوتوستراد ‎شارل الحلو باتجاه ‎الكرنتينا وصولا إلى ‎الزلقا   /   رئيس الوزراء الباكستاني: مستعدون للحوار مع أفغانستان لحل الخلاف إذا وافقت كابل على تلبية شروطنا   /   ‏"أكسيوس": حاولت إسرائيل اغتيال الغماري بقصف اجتماع للمجلس العسكري الأعلى للحوثيين في صنعاء في حزيران الماضي   /   القوات المسلحة اليمنية: نزف إلى الشعب اليمني استشهاد القائد الجهادي رئيس هيئة الأركان العامة اللواء الركن محمد عبد الكريم الغماري   /   مراد: التربية والعدالة وجهان لوطن واحد ولا إصلاح قضائي بلا نهضة تربوية   /   مراد: الحل يبدأ بحوار وطني شامل وإعادة تفعيل المؤسسات واحترام الدستور وتطوير التشريعات وضمان استقلال القضاء بالفعل   /   مراد: لبنان بحاجة إلى رجال دولة ومشروع وطني عابر للطوائف يضمن عمل المؤسسات ويعزز ثقة الناس ويحقق الإصلاح القضائي   /   مراد: من يظن أن لبنان ملك له أو يمكن حكمه بالإقصاء أو الهيمنة واهم والدولة تقوم بمشاركة الجميع   /   مراد: القضاء هو العمود الفقري للدولة ويجب إعادة صياغة الحياة السياسية على أساس العمل المؤسساتي والمواطنة   /   مراد: لبنان يمر بلحظة وطنية مصيرية مع شبه انهيار اقتصادي وعجز سياسي ومخاوف على وحدة القضاء   /   مراد خلال حفل غداء على شرف المحامين في البقاع الغربي: لا قيمة لدولة بلا عدالة ولا جدوى لقانون بلا من يحميه   /   فايننشال تايمز: تركيا سترسل فرقا إلى غزة للمساعدة في جهود الاستجابة الطارئة وإجراء عمليات بحث وإنقاذ   /   الاستخبارات البريطانية: الجهات الحكومية الصينية تشكل تهديدا للأمن القومي البريطاني كل يوم   /   

معركة جنبلاط الجديدة: منعاً لاغتيال "الحزب التقدمي الاشتراكي"

تلقى أبرز الأخبار عبر :


عبدالله قمح - خاصّ الأفضل نيوز 

 

يعود الزمن بوليد جنبلاط إلى الوراء، إلى ميادين المواجهات المصيرية. فلا هو من القادة الذين يستقيلون أو يتخلون عن أدوارهم ولا هو من أولئك الذين يقبلون العيش على هامش الأحداث. يأبى زعيم الجبل الاستقالة فيما النزاعات تلاحقه، وهو بدوره يلاحقها مصراً على أن تكون له بصمة مستمرّة ومتجدّدة، كأنها لعنة متوارثة في بيت المختارة.

 

في زمن التمدد الأميركي – الإسرائيلي، سواءً في المنطقة أو في عمق المشهد اللبناني، حيث تتكشّف مشاريع الاستثمار في الدروز وتصعد من العمق نحو السطح، يجد "بك المختارة" نفسه في معركة مفروضة عليه، لا تبدأ في جبل لبنان ولا تنتهي عند حدود جبل العرب. أدواتها غير تقليدية، وساحاتها ليست مألوفة، ولا يُفترض أن تكون المواجهة هذه المرة تقليدية.

 

إلغاء إحياء ذكرى اغتيال "المعلم" كمال جنبلاط في السادس عشر من آذار، وما رافقه من طي صفحة تاريخية بعد أن أخذ العدل مجراه، لم يكن مجرد خطوة رمزية، بل مقدمة لنضال جديد، أوسع وأشمل، يهدف إلى منع "أسرلة" الدروز وإبقائهم ضمن الحيز العربي الكبير. فالمخططات تُدار على المكشوف، باعتبارها مقدمة لشطب الدروز من معادلة التاريخ والنضال ضد الاستعمار، ولتمكين إسرائيل من ترسيخ هويتها اليهودية.

 

لكن التحدي لا يقتصر على فلسطين والجولان؛ فجنبلاط يراقب خطراً يتهدد دروز لبنان مع الزحف القادم من سوريا، وما يحمله من محاولات لجرّهم إلى هذا المشروع. وهو يضع تحت المجهر محاولات البعض ترسيخ أفكار الانفصال عن الحالة الجنبلاطية أو عن الزعامات التقليدية، سياسياً وروحياً، ومدى جدية تسويق البدائل أو إفساح المجال أمامها، مع العلم أن جنبلاط اختبر حدثاً مشابهاً لكنه أقل حدّةً ولم يبلغ الطموحات الحالية، زمن انتفاضة 17 تشرين.

 

الأمر يستدعي إعلان حالة طوارئ سياسية وانتقالاً إلى مواجهة جديدة، خصوصاً أن ثمة من يراهن على لحظة تاريخية قد توهمه بأن الانقلاب على جنبلاطية المختارة ممكن.

 

ما أعلنه جنبلاط في ذكرى 16 آذار ليس مجرد شدّ للعصب الاشتراكي ودعوته إحلال مبادئ الاشتراكية داخل المجتمع الدرزي، ولا هو محاولة لترسيخ مبدأ المساواة ومنع الانزلاق إلى التطرف المذهبي فحسب، بل يتعداه إلى دعوة لتعزيز مناعة "المجتمع الدرزي" وعبره تأمين الانتقال السلس للزعامة الجنبلاطية دون المساس بها. فـ"بك المختارة" موجوس بتوفير ظروف حماية "زعامة تيمور"، ربطاً بما يمتلك من نماذج واضحة لمحاولات ضرب هذه الزعامة أو على الأقل تقليص نفوذها.

 

لهذا، يضرب جنبلاط بسيفه ويرفع صوته، ولا يغادر السياسة، كما أنها لا تقبل مغادرته. المختارة، الدار العتيقة، تتحول إلى خلية نحل، والبيك يوجه رسائل واضحة، آخرها يوم 16 آذار، حيث كشف عن جزء من أنيابه السياسية، وهو مستعد للمزيد، طالما أن التحديات لم تعد محصورة بالدروز وحدهم، بل تجاوزتهم إلى ما هو أبعد.

 

لا تخفي الأوساط الجنبلاطية أن المعركة هذه المرة مختلفة، من حيث الأدوات والحدود والميدان، لكنها تشبه كثيراً محطات عابرة خرجت منها المختارة وأهلها أقوى. وهي تدرك أن المواجهة قد تشهد خروجاً عن النص، وربما تجاوزاً للمحرمات السياسية، وصولاً إلى توجيه ضربات تحت الحزام. فالأداء الجنبلاطي يزعج من يحاول فرض مشروعه الجديد، والقلق الأكبر ليس من الضغوط السياسية، بل من الضربات الجسدية التي قد لا تقوى الأجساد على تحملها.

 

محطة جنبلاط المقبلة ستكون دمشق، للمرة الثانية على التوالي، لكن الزيارة لن تكون كسابقتها. إن كان لقاء قصر المهاجرين الأول محكوماً بالبروتوكول والتهنئة بـ"جلوس أحمد الشرع على العرش"، فإن الزيارة الثانية ستكون "رحلة عمل"، تهدف إلى إعادة ترسيم العلاقة بين الدروز والدولة السورية، والإشارة بجدّية إلى طبيعة الوضع الناشئ في السويداء. يريد جنبلاط أن تَفهم دمشق هواجس الدروز، وأن يفهم الدروز موقعهم في معادلة الدولة، في محاولة لكبح الموجة العالية التي تجتاح جبل العرب.

 

بالنسبة لوليد جنبلاط، لا مجال لانخراط الدروز في المشروع الإسرائيلي، لما يحمله من مخاطر جسيمة، ليس فقط على وضعهم في المنطقة، بل على لبنان تحديداً، والأسوأ في شأن علاقة الدروز مع محيطهم وتكاملهم معه. وهو لا يحتمل أي خروج عن هذا السياق، سواء عبر الترويج لفكرة دولة درزية أو عبر نسج علاقات جانبية خارج منطق الدولة. الأخطر من ذلك هو تجاوز المشايخ، والتفريط برأي المختارة، وتحويل جبل لبنان إلى ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات، على غرار ما يحصل في السويداء.

 

جنبلاط يدرك أن المعركة المقبلة أعقد من مجرد خلاف سياسي داخلي، وأنها ليست مجرد اختبار لقوة المختارة. هي معركة بقاء سياسي، وربما وجودي، تماماً كالمعركة التي يخوضها "الثنائي الشيعي" ومجتمعه معه، في زمن تتغير فيه الخرائط وتُرسم فيه حدود النفوذ من جديد.