عماد مرمل - خاص الأفضل نيوز
قُوبِل مطلب نزع السلاح الذي يرفعه بعض الداخل والخارج ب"مقاومة" قوية من حزب الله وبيئته الشعبية، ما أفقده زخمه وفعاليته، بعدما كان أصحاب هذا الطرح قد افترضوا أن ظروف ما بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة ستسمح بفرضه، وستجبر قيادة الحزب وجمهوره على الخضوع له.
وبهذا المعنى، بدت الحملة المعلنة على السلاح بلا مردود حتى الآن، ليقتصر مفعولها على ضجيج إعلامي وسياسي ليس من شأنه أن يغير في الحقائق شيئا، خصوصًا أن الحزب لا يزال الأقوى داخليًا رغم محاولة خصومه تكريس انطباع بأنه بات ضعيفًا.
وقد أتى خطاب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم عشية الانتخابات البلدية ليعيد ترسيم الخطوط الحمر التي تزنر سلاح المقاومة، مؤكدًا عدم الاستعداد لقبول أي طلب بعد الآن، في إشارة إلى أن المرونة التي أبداها الحزب لها حدود وضوابط، خصوصا بعدما فسرها البعض ضعفا.
وما ساهم في تعثر الحملة على السلاح موقف رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الذي نجح في امتصاص الضغوط الداخلية والخارجية عليه، رافضا وضع مهلة زمنية لسحب السلاح كما طالب وزراء القوات اللبنانية في الحكومة، ومتمسكا بالحوار كممر إلزامي ووحيد لمعالجة هذا الملف بعيدًا من التحدي والإعلام، وهو موقف لاقاه الحزب بالتقدير والثناء، كونه يعكس حكمة ومسؤولية في مقاربة واحدة من أكثر القضايا دقة، ما يؤشر إلى وجود تقاطعات مشتركة بين قصر بعبدا والضاحية الجنوبية الحريصتين على إبقاء جسر التواصل ممدودا، خلافا لما يتمناه الساعون الى جرهما نحو القطيعة.
وتبدو مقاربة عون لملف السلاح محكومة حتى الآن بالضوابط الآتية:
_ التركيز على مبدأ حصر السلاح في يد الدولة وليس نزعه، وهناك فارق كبير بين المفهومين، إذ أن الأول يحفز على التفاهم، بينما الثاني يحرض على استخدام القوة.
_ الامتناع عن التقيد بمهلة زمنية لمعالجة قضية السلاح، مع ما يعكسه ذلك من واقعية سياسية خصوصا أن وضع أي روزنامة مفترضة سينطوي على نوع من الاستفزاز والضغط اللذين لا يخدمان الهدف المعلن.
_ الإصرار على إيجاد حل لهذا الملف عبر النقاش الهادئ مع حزب الله في التوقيت المناسب المرتبط بتنفيذ الكيان الإسرائيلي الالتزامات المتوجبة عليه وفق مندرجات اتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701.
_ التمسك بحماية السلم الأهلي وتفادي الانزلاق الى مواجهة مع الحزب أو المكون الشيعي مهما اشتدت ضغوط جهات محلية ودولية لحرق المراحل.
_ طرح معالجة أمر السلاح من زاوية الاتفاق على استراتيجية أمن وطني تنبثق منها استراتيجية دفاعية.
أما حزب الله فيحتكم في مقاربته لمصير سلاحه الى المعايير الناظمة الآتية:
_ رفض التخلي عن السلاح على نحو قاطع وحازم، والدعوة الى البحث في مستقبله لاحقا من زاوية التفتيش عن أفضل الصيغ الممكنة لتوظيفه من أجل حماية لبنان وليس لتسليمه.
_ الحرص على حماية العلاقة مع رئيس الجمهورية وتفادي الوقوع في فخ التصادم معه، وصولا الى ملاقاته في منتصف الطريق وتلقف إشاراته الإيجابية بإيجابية مماثلة.
_ منع أي مواجهة مع الجيش ستكون كناية عن فتنة عبثية لا تخدم سوى الاحتلال وترمي الى نسف مشروعية السلاح وإظهاره موجها الى الداخل لا العدو الإسرائيلي.
_ إبداء استعداد حقيقي لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية في الظرف المناسب بحيث أن انفتاح الحزب على البحث فيها هو جدي ولا يندرج في إطار المناورة السياسية أو الاستهلاك الإعلامي.
_ ربط بدء النقاش في الاستراتيجية الدفاعية بانسحاب العدو الإسرائيلي من الأجزاء التي لا يزال يحتلها في الجنوب ووقف الاعتداءات على الأراضي اللبنانية وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين لأنه من غير الطبيعي أن يجري البحث في مستقبل السلاح بينما الإسرائيلي يستبيح السيادة يوميًا من دون أن تلجمه البدائل الأخرى، من وسائل دبلوماسية وقرارات دولية.