محمد علوش- خاصّ الأفضل نيوز
في خطوة لافتة تعكس تحوّلات في السياسة الأميركية تجاه لبنان، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية في آذار الماضي عن رفع التجميد عن مساعدات عسكرية بقيمة 95 مليون دولار كانت مخصصة للجيش اللبناني، بعد أن تم تحويلها من مصر في أواخر عهد إدارة بايدن. جاء هذا القرار في ظل تغيّرات سياسية وأمنية داخلية وإقليمية، أبرزها انتخاب قائد الجيش السابق جوزيف عون رئيسًا للجمهورية، وتشكيل حكومة برئاسة نواف سلام، بالإضافة إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين "حزب الله" وإسرائيل في تشرين الثاني 2024.
في أواخر عام 2024، قررت إدارة بايدن إعادة تخصيص 95 مليون دولار من المساعدات العسكرية المخصصة لمصر إلى لبنان، بسبب مخاوف متزايدة بشأن سجل حقوق الإنسان في مصر، وخاصة الاعتقالات السياسية الواسعة. تم توجيه هذه الأموال لدعم الجيش اللبناني، الذي وصفته وزارة الخارجية الأميركية بأنه "شريك رئيسي" في الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، ولكن مع بداية إدارة ترامب، تم تجميد هذه المساعدات ضمن مراجعة شاملة للمساعدات الخارجية، لتعود وزارة الخارجية الأميركية وتُعلن عن استثناء خاص يسمح بصرف هذه الأموال، مشيرة إلى أهمية دعم الجيش اللبناني في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وتعزيز الاستقرار في المنطقة .
تهدف المساعدات الأميركية بحسب مصادر عسكرية إلى تعزيز قدرات الجيش اللبناني في عدة مجالات أبرزها تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار من خلال نشر القوات المسلحة اللبنانية في جنوب لبنان، بالتعاون مع قوات الأمم المتحدة، تعزيز السيادة الوطنية عبر تأكيد دور الجيش كالقوة الشرعية الوحيدة المسؤولة عن الدفاع عن لبنان، وتحسين القدرات اللوجستية والتقنية لمواجهة التحديات الأمنية، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تؤثر على جاهزية الجيش.
وبحسب المصادر يواجه الجيش اللبناني تحديات كبيرة، منها نقص في المعدات المتقدمة، وتأثير الأزمات الاقتصادية على رواتب الجنود وظروفهم المعيشية، بالإضافة إلى التحديات السياسية والطائفية التي قد تؤثر على استقلالية المؤسسة العسكرية، مشيرة إلى أن رئيس الجمهورية تحرك مؤخراً لتحسين رواتب العسكريين، وبحسب معلومات "الأفضل نيوز" يبدو أن هذا الموضوع سيشهد تطورات إيجابية خلال المرحلة المقبلة بعد أن أبدت قطر استعدادها للمساعدة.
هذا الدعم الأميركي للجيش اللبناني لا يكفي، إذ تشدد مصادر سياسية متابعة على أن المطلوب "الثقة" بالجيش اللبناني، وهذه الثقة لا تُبنى إلا من خلال الضغط الأميركي على العدو الإسرائيلي للانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة، من أجل تمكين الجيش من بسط سيطرته، وفي حال كانت هذه الثقة بالجيش مفقودة فلا داعي للحديث عندها عن دعم أميركي أو دولي للجيش، أما الدعم الدولي للجيش فكان لافتاً تأجيل مؤتمرات دولية تهدف لمساعدة هذه المؤسسة، وهذا ما يؤكد أن دعم الجيش مرتبط بتطورات سياسية وأمنية في الإقليم، وهذا ما يُثير القلق في الأوساط اللبنانية إذ إن الدعم المشروط لا يعتبر دعماً.
كذلك هذه الثقة بالجيش لا تُبنى ما لم يُترك له تحت قيادة رئيس الجمهورية بحث ملف السلاح مع المعنيين به، وعدم الضغط عليه في سبيل تنفيذ ما لا يمكن تنفيذه بالقوة في لبنان.
ترى المصادر أن الحديث عن دعم أميركي للجيش لا يُقارن بالدعم الأميركي للجيش الإسرائيلي، وهذا يعطينا فكرة عن المدى الذي يمكن أن تذهب إليه المساعدات الأميركية، مشيرة إلى أن ما يطلبه الجيش وما يحتاجه من أجل الدفاع عن لبنان لا تقدمه أميركا له، وبحال قدمته سيكون هناك أسئلة مشروعة حول قرار الجيش ومدى تدخل الأميركيين به.
يقول الأميركيون إن المساعدات العسكرية الأميركية للجيش اللبناني تمثل فرصة لتعزيز دور الدولة ومؤسساتها في ظل التحديات الأمنية والاقتصادية الراهنة، لكن بناء الدولة وتعزيز دورها يتطلبان أولا طرد الاحتلال، فهل تقوم أميركا بهذه المهمة؟