كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
لم تمنع القمة العربية، وقبلها القمة الأميركية - السعودية، ولا الأميركية - الخليجية، العدوّ الإسرائيلي من استمرار حربه على غزَّة واعتداءاته على لبنان، وفي الحالتين أظهرت الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو بأنها غير مبالية لا بهذه القمم ولا بالأمم المتحدة وقراراتها، لأنها تعلم علم اليقين بأنه لا يوجد من يحاسبها ويفرض عليها العقوبات كما تفعل أميركا مع دول أخرى لا تسير في مشاريعها وتواجهها.
فخلال وجود الرئيس الأميركي دونالد ترامب في منطقه الخليج يزور دولها السعودية وقطر والإمارات، كان الاحتلال الإسرائيلي يتوسَّع في غزّة.
ويقتل في يوم واحد ١٣٠ شهيدًا ومئات الجرحى، ويدمّر المنازل ومخيَّمات النازحين دون أن يصدر موقف أميركي، إذ كان اهتمام ترامب منصبًّا على تحصيل الأموال تحت بند الاستثمارات، في وقت يموت أهالي غزة من الجوع، ولا مكان لهم للاستشفاء أو العلاج الطبي والدواء، وهم محرومون من التعليم، وكل ذلك ليتم تهجير أهل القطاع، وهو ما أعلنه وزراء العدو ومن أبرزهم تطرف وزير الأمن بن غفير والمال سموتريتش، وهما هدَّدا بالاستقالة وفعلها بن غفير إذا أوقف رئيس الحكومة نتنياهو حربه على غزّة، بعد أن توصل الطرفان الإسرائيليّ وحركة "حماس" إلى هدنة وتبادل أسرى.
فالغزِّيُّون متروكون لمصيرهم وهو ترك القطاع، وفق المشروع الصهيوني بطرد الشعب الفلسطيني من أرضه، ليحول ترامب غزة بعد ذلك إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، وهو لم يتراجع عن خطته وإن أوقف الحديث عنها في هذه المرحلة، ريثما يتم تحضير المكان الذي سيرحل إليه أهل غزّة، ومثلهم أهل الضفة الغربية التي يجري تدمير مخيماتها وتهجير سكانها، وبلغوا نحو ٧٥ ألفاً، لتقام على أرضها مملكة "يهوذا والسامرة"، كما ورد في التوراة، وهو مخطط لا تعارضه أميركا بإداراتها المتعاقبة منذ عقود.
فلم يقدم ترامب للأنظمة العربية، ما يوقف الحرب على غزّة واستمرار الاعتداءات الإسرائيليّة على لبنان الذي التزم بتطبيقِ اتفاق وقف إطلاق النار، الذي خرقه العدو الإسرائيليّ نحو ٤ آلاف مرة منذ ٢٧ تشرين الثاني الماضي وسقوط نحو ١٦٠ شهيدا ومئات الجرحى، وتدمير المنازل والمؤسسات، ومنع عودة أهالي الجنوب إلى بلداتهم ومدنهم، فلا يمر يوم إلَّا ويقصف المنازل الجاهزة التي يستخدمها العائدون إلى بيوتهم المدمَّرة، ويحصل كل ذلك على مرأى ومسمع لجنة الإشراف على وقف إطلاق النار برئاسة جنرال أميركي، وهي لا تجتمع، لا بل علقت اجتماعاتها منذ فترة، ولم تتمكن من فرض انسحاب الاحتلال الإسرائيليِّ من خمسة مواقع ما زال فيها.
فلبنان حضر في اللقاءات والقمم، وفي زيارات رئيس الجمهورية جوزاف عون إلى الدول، لكنه يُمنع عليه إعادة الإعمار الثقافي والاقتصادي ووقف الاعتداءات الإسرائيليّة، إذ لم يقم بما هو مطلوب منه وهو نزع سلاح "حزب اللَّه" أو الضغط عليه لتسليمه سلمًا أو حربًا، وهذا ما يرفضه الرئيس عون الذي يستخدم الحوار من أجل إيجاد حلٍّ للسلاح الذي لا يريد رئيس الجمهورية نزعه بالقوة، كي لا يذهب لبنان إلى حرب أهلية، تضغط عليه أميركا وحلفاء لها، كي يقوم بهذه المهمة.