منال زعيتر - خاص الأفضل نيوز
لا تريد الجمهورية الإسلامية في إيران فتح جبهة جديدة في لبنان قد تستنزف أوراقها أو تُستثمر دوليًّا ضدها، وخصوصاً في ظل مفاوضاتها غير المباشرة مع واشنطن والتي تشمل ملفات تتجاوز لبنان بكثير...
يقول مطلعون أن الرسالة المركزية التي يحملها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى بيروت يمكن تلخيصها بالتالي: أن أي انفجار كبير في لبنان الآن قد يربك الموقف الإيراني الإقليمي ويضعف أوراقه التفاوضية مع واشنطن، وأن المرحلة تقتضي التهدئة لا التصعيد... وعلى هذا الأساس، يبدو واضحًا أن لبنان في الحسابات الإيرانية الحالية، ليس أولوية بذاته، بل جزء من منظومة تفاوضية أوسع تشمل اليمن، العراق، سوريا وفلسطين.
بحسب المطلعين، فإن الرسالة الإيرانية اليوم ليست موجهة إلى الدولة اللبنانية بقدر ما خُصّصت لـ"حزب الله"، وتحمل في مضمونها توجهات واضحة بأن طهران تؤيد إطلاق حوار لبناني داخلي شامل، لا يستثني أي ملف، بما في ذلك مستقبل سلاح "حزب الله" شرط أن يكون ضمن معادلة التهدئة والحفاظ على الاستقرار الداخلي، وضمن هذا السياق يمكن فهم ما نقل عن عراقجي خلال لقائه رئيس الجمهورية جوزف عون عن أن إيران تدعم الحوار الوطني في لبنان بين الطوائف والمجموعات والاتجاهات المختلفة.
للمرة الأولى ربما، باتت طهران تتعامل مع واقع حزب الله في لبنان كأداة لتحسين شروط التفاوض، لا كملف بحد ذاته، وهذا التحوّل بحسب المصادر المطلعة ازداد وضوحاً بعد عدوان أيلول واستشهاد الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله وكبار القادة.
وعلى هذا الأساس، يكشف المطلعون أن ما تريده طهران من زيارة وزير خارجيتها إلى لبنان هو التحذير من التصعيد وطلب واضح للتهدئة، مؤكدين بأن عراقجي لا يحمل عروضاً ولا مبادرات، بل تأتي زيارته في سياق ما ذكر فقط، إضافة إلى إعادة تأكيد ما قالته الجمهورية الإسلامية منذ انتهاء العدوان الإسرائيلي عن استعدادها للمساهمة في إعادة الإعمار، وهو ما أكده عراقجي من عين التينة.
ولكن نقطة لافتة ركز عليها هؤلاء من أن إيران قد تكون المساهم الأول في إعادة الإعمار في مرحلة لاحقة بشرط تحقيق تقدّم على مستويين: أولاً، التوصل إلى تفاهم مع واشنطن، وثانيًا، انطلاق حوار داخلي لبناني حول سلاح "حزب الله" وما يرافقه من ترتيبات أو تسويات، بالتزامن مع انسحاب إسرائيلي محتمل من الجنوب، وترسيم الحدود، وتثبيت وقف إطلاق نار طويل الأمد.
وفي هذا السياق، أتى موقف الرئيس ميشال عون حول تعزيز العلاقات من دولة إلى دولة مع إيران بمثابة محاولة لفصل المسارات والبدء بمرحلة جديدة في العلاقة بينهما في موقف لافت في توقيته، ويعكس محاولة لإعادة تموضع الخطاب الرسمي اللبناني في ظل المتغيرات الإقليمية.