مارينا عندس - خاص الأفضل نيوز
دمّر العدوان الإسرائيلي، آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية الجنوبية، المليئة بأشجار الزيتون، التي تُعدّ رمزًا من رموز الصمود للمواطنين الجنوبيين.
وأدّى القصف اليومي والمكثّف إلى إحراق وتلف وقطع أعداد كبيرة منها، وتلويث البعض الآخر، جرّاء المواد السّامة الناتجة عن هذه الحرب. وتلوّثت التربة والأرض ما أدّى إلى صعوبة احتضان هذه الأراضي للأشجار. وهذا العدوان، دمّر حوالي 12% من زراعة مزارع الزيتون في جنوب وشرق البلاد أي حوالي 36% من الإنتاج الوطني.
وفي المقابل، يشهدُ البقاع الشمالي تحوّلاً لافتًا، حيث بدأت أراضيه تستعيد الحياة مع تمدّد زراعة الزيتون بوتيرةٍ متسارعةٍ.
فقد شكّل تراجع الإنتاج في الجنوب دافعًا للمزارعين في البقاع لاستغلال الأراضي المهملة، وتحويلها إلى بساتين زيتون، في مشهدٍ يعكس قدرة الطبيعة على التجدّد رغم كل الخسائر. وبينما تُطفأ جذور في الجنوب، تُغرس أخرى في البقاع، في دورةٍ مستمرةٍ من الفقدان والأمل.
خسائر لا تُعوّض.. ولكن
موسم الزيتون الذي كان يُشكّل مصدر رزقٍ أساسيٍ لأكثر من مئة ألف عائلة جنوبية في أوقات السلم، يسهم في توفير فرص عمل موسمية لآلاف العمال الذين يعملون على قطفه، أو يشتغلون في معاصر الزيتون المنتشرة في المنطقة. وبالإضافة إلى قيمته الاقتصادية داخليًا، فقد كان موسم الزيتون يسهم في تحسين وضع صادرات البلاد عبر تصدير كميات كبيرة من الزيت والزيتون إلى الخارج لتأمين حاجات اللبنانيين المغتربين المنتشرين في الدول العربية والأميركيتين.
وإلى جانب الآثار المباشرة للحرب، يواجه مزارعو الزيتون في الجنوب تحدّيات إضافية، مثل تلوّث المياه والتربة، ما ساهم في إضعاف قدرة الأرض على احتضان الأشجار، لكنّ الأمل في التعافي يبقى موجودًا. والجنوبيون يواصلون العمل لإعادة زراعة أراضيهم.
ما خسره الجنوب.. يزرعه البقاع
في السياق، يشير ابراهيم الترشيشي، رئيس تجمّع مزارعي وفلّاحي البقاع، إلى أنّ "قسمًا كبيرًا من الأشجار قد احترقت وأتلفت خلال الحرب سيّما في منطقة جنوب لبنان. ولم يعد المزارع اللبناني باستطاعته الاعتناء بها كما في السابق".
وأكّد في حديثه لموقع "الأفضل نيوز"، أنّ "شجرة الزيتون هي الشجرة الأولى التي تعرضت للتلف والقطع والتلوث. وهذا ما زاد لدى المزارع البقاعي، الرغبة في الاعتناء بهذه الشجرة المثمرة والجبيرة، سيّما في الهرمل ورأس بعلبك وكل هذه المناطق البعلية التي تتمتع بقلة في المياه. خصوصًا وأنّ هذه الشجرة لا تشرب الكثير من المياه".
ولفت إلى أنّ "هنالك إقبالًا كبيرًا على زراعة الزيتون، لأنّها تتحمل الصقيع ودرجات الحرارة المرتفعة، والجفاف وتحوّلت هذه الشجرة من شجرة زينة إلى شجرة استثمار. وما شجّع أيضًا على تشجيع هذه الزراعة بقاعًا، نوعية التربة التي تلائم جدًا زارعة هذه الأشجار. ومن المعروف أنّ الزيت المستحصل من الشجرة البعلية ألذّ بكثير من الشجرة التي تشرب المياه بكمياتٍ كبيرةٍ، وهذا الزيت قابل للتصدير والتسويق للخارج. ونحن نبرع في ذلك".
وقال:" زراعة الزيتون في البقاع تشكل حوالي الـ10% من إجمالي الزراعات في لبنان، وبشكلٍ عامٍ تجددت هذه الزراعات في البقاع كونها تراث ديني وقد ذكرت في القرآن الكريم وفي الإنجيل المقدس، وباتت تأخذ طابعًا دينيًا تراثيًا للبلد. كما أنّ زيت الزيتون البقاعي هو "أدسم من غيره" لأنّ أغلب حقول الزيتون الموجودة في البقاع خاصة في البقاع الشمالي، هي زراعات بعلية تعتمد على شتاء المطر من دون أي ري. ومن المتعارف عليه أنّ كل 5 كيلو زيتون ينتجون كيلو زيت واحد وشجرة الزيتون تعمّر حوالي آلاف السنين رغم أنها لا تعطي ثمارًا قبل 4 أو 5 سنوات. ونعاود بيع الكميات الكبيرة منها، لأكثر من 22 دولة بأفضل نتيجة ممكنة، وأذوق توضيب ممكن".
وختم:" لولا أنّ الطلب على البساتين المتنوعة في لبنان ارتفع بشكلٍ كبيرٍ، ولولا هذه الحرب المدمرة، لكنّا وبقينا البلاد الأولى في زراعة أشجار الزيتون، بعد أن علّمنا هذه الزراعة لكافة أنحاء العالم".