عبد الله قمح - خاصّ الأفضل نيوز
وصلت الملاحظات الأميركية الأخيرة إلى بيروت عبر السفارة في عوكر، حاملةً معها موقفاً حاسماً: على لبنان أن يقبل الورقة الأميركية كما هي، بصيغتها النهائية غير القابلة للتعديل. وهي رسالة واضحة بأن واشنطن لم تعد تعتبر لبنان مخوّلاً بإرسال أي تعديلات إضافية.
بهذا، تكون الولايات المتحدة قد حسمت المطلب الأساسي: نزع سلاح حزب الله، بصرف النظر عن الصيغة التي يُفترض أن تعتمدها الحكومة اللبنانية، شرط أن يصدر القرار عن مجلس الوزراء ويتضمن آلية تنفيذ واضحة، ومهلة زمنية لا تتجاوز نهاية العام الجاري. ووفق المصادر، فإن هذه الخطوة تفتح الباب أمام حلحلة باقي البنود العالقة، وفي طليعتها ملفات إعادة الإعمار، ترسيم الحدود، ودعم الاقتصاد الوطني. وقد اشترطت واشنطن أن يوافق حزب الله صراحة على الخطة الحكومية لتنزع أي شبهة تفجير سياسي أو أمني.
وبناءً عليه، يكون السفير توم براك قد أنهى وساطته، دون أن ينهي مهمته ؛ إذ تفيد المعلومات بأن قراراً أميركياً بتعيين مبعوث جديد لم يصدر بعد، ما يعني أن براك سيواصل مهمته، بالتنسيق مع دوائر البيت الأبيض ووزارة الخارجية، ريثما يتم تكليف بديل.
في هذا الوقت، ساد الترقب على مستوى جميع المراجع الرسمية من دون استثناء، بما فيها الرئاسات الثلاث، ترقباً لجلسة مجلس الوزراء المرتقبة اليوم- الثلاثاء، نظراً لحساسيتها وخطورة ما ستبحثه. وقد اتفقت القوى السياسية على منع انفجار سياسي داخل الجلسة، أو السماح لأي طرف بزعزعة السلم الأهلي. وجاء هذا التفاهم نتيجة مشاورات مكثفة، لم تنقطع بين مختلف الأطراف، انسجاماً مع دقة المرحلة، وحرصاً على قطع الطريق أمام أي استغلال خارجي، خصوصاً من الجانب الإسرائيلي.
وقد تبيّن أن ما هو متفق عليه داخل الجلسة هو طرح مختلف الصيغ المتعلقة بفكرة حصر السلاح بيد الدولة على طاولة النقاش انسجاما مع بنود اتفاق الطائف، مع إفساح المجال أمام القوى لشرح وجهات نظرها بهدوء، والاقتصار على النقاش التقني، بعيداً عن التصعيد والاستفزاز. ومن المفهوم أيضاً أنه لن يكون هناك سقف زمني للجلسة، التي وصفتها جميع الأطراف بأنها أهم جلسة حكومية منذ عام 2005.
وفيما لم تُحسم طبيعة القرارات التي ستُتخذ، تميل الأجواء إلى عدم إصدار قرار شامل خلال جلسة اليوم -الثلاثاء، بل السير في مسار يتضمن سلسلة جلسات محددة، ما يُرجّح عقد جلسة ثانية حاسمة يوم الخميس في قصر بعبدا. وقد تم إبلاغ الشركاء الدوليين بما جرى التفاهم عليه محلياً.
تزامناً، لم تهدأ اللقاءات والاتصالات، خصوصاً تلك التي جرت بعيداً عن الإعلام، إذ عُقد اجتماع جديد بين رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ورئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في قصر بعبدا. كما زار رئيس الحكومة نواف سلام القصر الجمهوري بعيداً عن الأضواء. من جهته، حافظ رئيس مجلس النواب نبيه بري على صمته، وفضّل إبقاء اللقاءات بعيدة عن الإعلام، مانعاً تسريب أي معلومات عمّا يُناقش.
ويُسجل في هذا الإطار اهتمام متزايد من البعثات الدبلوماسية في بيروت، خصوصاً تلك المعنية بالملف اللبناني مباشرة، ما يعكس إدراكاً دولياً لأهمية اللحظة السياسية المفصلية التي تمر بها البلاد.