عماد مرمل - خاص الأفضل نيوز
الأكيد أن ما بعد جلستَي 5 و7 آب الحكومية ليستا كما قبلهما بفعل المفاعيل الدراماتيكية التي ترتبت على قرار تكليف الجيش بوضع خطة لحصر السلاح في حوزة الدولة قبل نهاية العام، وإقرار الأهداف الواردة في ورقة توم براك بعد انسحاب وزراء المكون الشيعي.
بالنسبة إلى البعض ما حصل هو موقف تاريخي يعيد للدولة سيادتها، لكنه بالنسبة إلى البعض الآخر لم يكن سوى خطيئة كبرى تترجم خضوع السلطة الى إملاءات الخارج.
وإذا كان حزب الله قد حاول منذ تسمية نواف سلام رئيسًا للحكومة التعايش معه بأقل الخسائر الممكنة على قاعدة تنظيم الخلاف بينهما، فإن قرار سحب السلاح شكّل ضربة قوية لعلاقتهما الهشة، وأعادها الى ما تحت الصفر، الأمر الذي يدفع الى التساؤل عن مصير التمثيل الوزاري ل"الحزب" وعما إذا كان إحراجه سيؤدي الى إخراجه أم لا؟
ويبدو أن هناك مقاربتين لهذا الأمر،
الأولى تعتبر أنه لا يجوز للحزب أن يظل موجودًا في حكومة يتهمها بالتآمر مع الخارج عليه، وبالانقلاب على الدستور والميثاقية، محذرة من أن بقاءه فيها يمنحها "أسبابا تخفيفية" وبالتالي يخفف من وطأة ما فعلته.
أما المقاربة الثانية فلا تحبذ انسحاب "الحزب" من الحكومة حتى لا تخلو الساحة لخصومه، ولئلا تتكرر التجربة السابقة مع حكومة الرئيس فؤاد السنيورة التي ظلت تحكم رغم الخلل الميثاقي الذي أصابها نتيجة مقاطعة الثنائي الشيعي لها. ويفترض أصحاب هذا الرأي أنه من الأفضل ل"الحزب" أن يعارض للحكومة من داخلها وليس خارجها، أقله حتى لا تغفل عيناه عما يحاك ضده.
َوكان لافتا أن بيان حزب الله ردًا على قرار مجلس الوزراء حاذر الهجوم المباشر على رئيس الجمهورية رغم استيائه منه، وحمّل حكومة الرئيس سلام تحديدًا، ليس فقط مسؤولية الاندفاع نحو سحب السلاح قبل زوال الاحتلال وتوقف العدوان، بل كذلك حمّلها مسؤولية مخالفة ما تضمنه خطاب القسم لعون من التزام بنقاش استراتيجية الأمن الوطني تمكّن الدولة من إزالة الاحتلال الإسرائيلي ورد عدوانه.
َبهذا المعنى، يبدو أن حزب الله قرر أن يترك خطاً للرجعة مع عون وأن يصعّد في المقابل نبرته ضد سلام، آخذا في الاعتبار أن العهد لا يزال في بدايته وأنه من الأفضل تفادي الذهاب إلى معركة كسر عظم ضده في هذا التوقيت، بينما سلام "مؤقت" وحكومته محكومة بأجل محدد ينتهي مع الانتخابات النيابية المقبلة وبالتالي فإن ظروف المواجهة معه تبدو مختلفة وأقل كلفة.
َوما عزز موقف حزب الله ضد قرار الحكومة هو تلاحق الغارات الإسرائيلية، بعد صدوره، من دون أن يكون بمقدور الدولة تأمين أي حماية عسكرية أو دبلوماسية للبنان، الأمر الذي فاقم حالة انكشافها، فيما بدا أن العدو الإسرائيلي يمعن في إحراجها وإضعافها وبرفض إعطائها فرصة أو تسهيل مهمتها من أجل تنفيذ قرارها بحصر السلاح في يدها قبل نهاية العام.