عماد مرمل - خاصّ الأفضل نيوز
يتمادى العدوّ الإسرائيلي في الاعتداء على لبنان وانتهاك سيادته تحت عيون لجنة الإشراف على اتفاق وقف الأعمال العدائية، التي تبدو إمّا عاجزة عن لجمه وإمّا متواطئة معه، علماً أنّ كثيرين يميلون إلى ترجيح كفّة الاحتمال الثاني.
وقد شكّلت المجزرة التي ارتكبها جيش الاحتلال بحقّ عائلة لبنانية في بلدة بنت جبيل، قبل أيام، تعبيراً جديداً عن فظاعة الإجرام الإسرائيلي الذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة بعد عملية 7 تشرين الأوّل، التي يستخدمها اليمين الإسرائيلي المتطرّف ذريعة لتنفيذ مشاريعه الدموية والتوسعية في المنطقة.
لكن تلك العدوانية المتمادية والمتفلّتة من أيّ ضوابط تؤدّي عملياً إلى تعزيز دوافع حزب الله وبيئته للتمسّك بالسلاح ورفض تسليمه، وبالتالي تمنح هذا الموقف مزيداً من الشرعية والأحقّية.
ولعلّ المفارقة هنا أنّ تل أبيب لا تعطي الدولة اللبنانية أيّ فرصة أو حتى نصف فرصة لمحاولة إقناع الحزب وجمهوره بضرورة حصر السلاح في يد الدولة وبصوابية هذا القرار، بل إنّ ما تفعله يضعف منطق الدولة ويقوّي حجج الحزب في المقابل.
إذ كيف تستقيم الدعوة إلى تسليم السلاح مع استمرار الاعتداءات الإسرائيلية والاحتلال لجزء من الجنوب واحتجاز الأسرى والرفض الصريح لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، وصولاً إلى التلويح بشنّ عدوان واسع جديد على لبنان؟
إنّ كلّ غارة إسرائيلية، وكلّ تحليق للمسيّرات، وكلّ جنديّ معادٍ موجود في التلال الخمس ومحيطها، وكلّ عدوان يستهدف دولة عربية، وكلّ تصريح لبنيامين نتنياهو، إنّما تدفع أصحاب السلاح إلى التمسّك به باعتباره الضمانة الوحيدة للدفاع عن النفس وسط عجز الدولة عن تأمين أيّ بدائل فعّالة دبلوماسياً أو عسكرياً، ورفض واشنطن تقديم أيّ ضمانات وفق ما كان قد صرّح موفدها توم برّاك.
وحتى برّاك نفسه، عندما سُئل خلال مقابلته الأخيرة مع محطة "سكاي نيوز عربية" عن الدافع لدى حزب الله لوضع سلاحه جانباً، أجاب: صفر، خصوصاً أنّ إسرائيل تهاجم الجميع (في المنطقة). وأضاف: مع استمرار ذلك تصبح حجّتهم (حزب الله) أقوى لناحية أنّهم موجودون لحماية اللبنانيين من إسرائيل.
واللافت أنّ الأميركيين ليسوا مستعدّين حتى الآن لأيّ ضغط جدّي على حكومة العدوّ من أجل وقف استهدافاتها للبنان وسحب "الحجّة" من حزب الله في ملف السلاح، بل العكس هو الصحيح، بحيث إنّ تصريحات برّاك الأخيرة انطوت على تعاطف صريح مع السياسات الإسرائيلية وتبرير مسبق لأيّ تصعيد محتمل ضد لبنان.
وهكذا، فإنّ ما يفعله كلّ من الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي لا يفضي سوى إلى أن يزداد حزب الله ومناصروه اقتناعاً بجدوى السلاح، وأن تتعزّز مسوّغات هذا الخيار وأسبابه الموجبة!