كريستال النوّار - خاصّ الأفضل نيوز
مع تسارع وتيرة الحياة وتغيّر العادات والتقاليد، برزت ظاهرة غريبة: "بيع الأظافر" مُقابل مبالغ ماليّة بسيطة. نعم، الأظافر التي كانت تُرمى في السّابق أصبحت سلعةً تُباع ومصدر دخل للكثيرين. فلماذا الأظافر؟ وهل يُمكن أن تنتشر هذه الظاهرة في لبنان؟
تحتوي الأظافر على مادة الكيراتين، وهي عنصر مهمّ في صناعة مستحضرات التجميل وبعض المُنتجات الصناعيّة. هذا ما يجعل من شيءٍ مُهمَل كان يُعتبر في الماضي "بقايا جسديّة"، قيمةً ماديّة تستغلّها صناعاتٌ محدّدة، ومعها فرص عمل وتحديات جديدة.
أمّا عن كيفيّة تحوّلها إلى سلعة، فتعتمد هذه "التجارة" الجديدة على جمع الأظافر وتنظيفها وتعقيمها، ثمّ بيعها إلى المصانع التي تقوم بتحويلها إلى مساحيق ومستحضرات تجميليّة.
لماذا الصّين؟
لطالما كانت بقايا عمليّة قصّ الأظافر جزءاً من الفضلات المنزليّة، يُرمى من دون أيّ اعتبار. لكن في الصين، ومع تزايد ضغوط الفقر والتفاوت الاجتماعي، تحوّلت هذه البقايا إلى سلعةٍ تُباع بأسعار محدّدة، ليجد البعض فيها مصدر دخل يعينهم على مواجهة الظّروف المعيشيّة الصّعبة. ففي هذا البلد حيث يبلغ عدد السكان أكثر من 1.4 مليار نسمة، تزداد الحاجة إلى مصادر دخل جديدة ومبتكرة.
في هذا الإطار، كشفت بياناتٌ حديثة عن تفاقم أزمة العقارات في الصين وتراجع الثقة الاستهلاكيّة، لتشكّل عبئاً مضاعفاً على خطط إعادة التوازن للنمو الداخلي. ووفقاً لتقرير نشرته وكالة "بلومبرغ"، فإن السياسات الحكوميّة التي وُصفت على مدى الأعوام الماضية بأنّها "شبه يائسة"، لم تحقّق أيّ نتائج ملموسة، بل أظهرت الأرقام أنّ الانكماش في الاستثمار العقاري بلغ مستويات غير مسبوقة منذ جائحة كورونا في 2020، في حين تراجعت مؤشّرات الثقة والاستهلاك إلى أدنى مستوياتها منذ عقود.
وتأتي هذه التطورات في وقتٍ حسّاس للغاية، حيث تتزايد الضّغوط على بكين لتقليل اعتمادها على التصدير، خصوصاً بعد التصعيد في الحرب التجاريّة مع واشنطن. إلا أنّ "بلومبرغ" تُشير بوضوح إلى أنّ "كلّ الوعود السياسيّة والعروض الدعائيّة لم تنجح في تغيير المزاج العام".
هل تنتشر في لبنان؟
في بلدنا، حيث الأزمة الاقتصاديّة والماليّة طالت قطاعاتٍ واسعة من السّكان، لم يعد من الغريب أن يتحوّل أيّ شيء غير متوقّع إلى مصدر دخل كالأظافر. فمن بيع الدم، إلى تأجير الأرحام، مروراً ببيع الشعر، أثبت اللبنانيّون قدرتهم على ابتكار وسائل للبقاء في ظلّ الظّروف القاسية.
هل يمكن أن يتحوّل ما كان يُرمى مثل الأظافر أو غيرها من المخلّفات، إلى سلعةٍ تُباع؟ الواقع يقول إنّ ذلك ليس مستبعداً إذا استمرّت الأزمة على هذا المنوال. ففي بيئةٍ تُعاني من غياب شبكة أمانٍ اجتماعي، تُصبح حتّى أصغر القطع، كقصاصات الأظافر، ذات قيمة.
اقتصادُ البقايا
تُفيد الأبحاث بأنّ ظاهرة تحويل النفايات أو البقايا إلى موارد ليست جديدة، لكنّها تأخذ أبعاداً مُختلفة في مناطق الأزمات. ففي ظلّ شحّ الموارد وغلاء المعيشة، يُصبح الفرد أكثر استعداداً لاستغلال كلّ ما يملك، حتى لو اعتُبر بالنّسبة للبعض "عديم القيمة".
لا يقتصر هذا النّوع من التجارة على المُنتجات التقليديّة، بل يمتدّ ليشمل كلّ ما يمكن بيعه أو استغلاله. وإذا نظرنا بشكلٍ أوسع، نجد أنّ بيع الأظافر في الصّين جزءٌ من حركةٍ أوسع في الاقتصاد العالمي، حيث تتحوّل بقايا الإنسان إلى مصدر دخل.
في النّهاية، إذا بدا لك اليوم أنّ بيع الأظافر غريباً أو حتى سخيفاً، فقد لا يبقى كذلك في المُستقبل إذا لم تُبادر الدولة إلى إعادة بناء نظام رعايةٍ اجتماعيّة يُخفّف من الضّغط اليومي عن كاهل الناس، مع خفض الأسعار وتصحيح الرواتب وخلق فرص عمل.