مارينا عندس - خاص "الأفضل نيوز"
لا يختلف اثنان على أنّ أزمة زحمة السير في لبنان ليست وليدة اليوم، فمنذ التسعينات بدأت تتفاقم هذه المشكلة إلى أن أصبحت ظاهرة يومية يعيشها المواطن اللبناني في روتينه اليومي. فما هي الأسباب الحقيقية التي أوصلتنا إلى التأخر عن أعمالنا لساعاتٍ بدل الاستفادة من الوقت؟
المواطن اللبناني يقضي ساعاته داخل السيارة
تشير دراسة جديدة أعدّتها "الأكاديمية اللبنانية الدولية للسلامة المرورية (LIRSA)" إلى أنّ 400 ألف سيارة يوميًا تدخل العاصمة بيروت من أصل 1.5 مليون مركبة في لبنان، مما يؤثر سلبًا على حركة المرور.
كما تؤكد المعلومات أنّ زحمة السير تزيد من الرحلة اليومية بنحو 46% عمّا يفترض أن تكون عليه، بحيث يُقدّر ما يمضيه السائق من وقت في الازدحام بنحو 210 ساعات في العام، أي ما يعادل 9 أيام في السنة. وهذه الأرقام تشير إلى أنّ المواطن اللبناني قد يقضي ما بين ساعتين إلى ثلاث ساعات يوميًا في سيارته بسبب الازدحام المروري، ما يؤثر على جودة حياته الإنتاجية. فمن المسؤول وراء هذه المشكلة وما هي الأسباب التي أوصلتنا إلى هذا الوضع المشؤوم؟
المسؤولون كثرٌ.. ونحن الأوّلون!
تزداد أزمة زحمة السير حدّة في لبنان لأسبابٍ كثيرة، أوّلها تتعلّق بثقافة جيلنا الذي يعتبر أنّ لكل فرد في المنزل عليه أن يقود سيارته الخاصة، وكأنّه عيب لا سمح الله أن نترافق إلى وظيفتنا سويًا. وتعود الأسباب الرئيسية وراء ارتفاع عدد السيارات داخل الأسرة الواحدة إلى غياب نظام نقل عام فعّال، وعدم تجهيز الباصات والفانات بالطريقة السليمة، وضعف الخدمات في المناطق الريفية.
أمّا السبب الثاني فيعود إلى نقص البنية التحتية للنقل، فالطرقات السريعة والجسور محدودة في بعض المناطق، ما يسبب اختناقات في السير.
ويعود السبب الثالث والأهم إلى عدم صيانة السيارات بسبب الأزمة الاقتصادية التي يعيشها المواطن وتقاضيه راتبًا لا يكفيه للطعام، ما يؤدي إلى الأعطال المستمرة للسيارات، وبالتالي ارتفاع نسب حوادث السير والزحمة. وهناك قلّة في التنسيق بين مختلف الجهات الأمنية والحكومية بهذا الخصوص، أي في إدارة البنية التحتية والمرور، ما يعيق تحسّن الوضع ويؤدي إلى تفشّي الفساد.
إجمالًا، تتعدّد الأسباب حول زحمات السير، فمنها سياسية، أمنية، اقتصادية وأيضًا ثقافية. لكنّ السؤال الأهم الذي يُطرح هو: كيف تؤثر أزمات السير على التنمية الاقتصادية بشكلٍ عامٍ وعلى الواقع الاقتصادي ككلّ؟
أزمة السير تؤثر سلبًا على الواقع الاقتصادي
أعدّت عام 2017 جامعتا "هارفارد" و"لويزيانا" بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية دراسةً أشارت إلى أنّ خسائر الدخل القومي اللبناني نتجت بسبب زحمات السير المتراكمة. وتكبّدت الخسائر لتصل إلى حوالي ملياري دولار سنويًا بسبب الوقت الضائع الذي يقلّل من الإنتاجية، واستهلاك الوقود وتكاليف صيانة السيارات.
القطاع السياحي بخطر إن لم نتحرّك
يتأثر القطاع السياحي بواقع الطرقات المرير في لبنان، بسبب معاناة السياح من صعوبة التنقل داخل المدن أو التنقل بين المعالم السياحية. هذا يمكن أن يقلّل من أعداد السياح الذين يزورون البلاد، ويؤثر بالتالي على الإيرادات الناتجة عن السياحة. كما أنّ الطرقات التي توصلنا إلى بعض الأماكن السياحية غير مجهّزة، ما يعيق استقبال الأعداد الكبيرة من الأشخاص.
زيادة التكاليف الاقتصادية
ترفع زحمة السير التكاليف على مستوى الأفراد والشركات على حدٍ سواء. ففي القطاعين التجاري والصناعي، تؤدي الازدحامات إلى تأخيرات في نقل البضائع، مما يزيد من تكاليف الشحن والنقل. كما أنّ الشركات قد تضطر إلى زيادة النفقات على وسائل النقل البديلة أو تحسين أسطول النقل لتقليل التأثير.
بالمختصر، تمثّل أزمة زحمة السير عبئًا على الاقتصاد الوطني، بحيث تساهم في تقليل الإنتاجية، وزيادة التكاليف، وتدهور الظروف البيئية، ما يؤدي إلى تراجع في النمو الاقتصادي والتنمية.

alafdal-news
