هبة علّام - خاصّ الأفضل نيُوز
مع انتِهاء ولاية رئيسِ الجمهوريّة السّابق ميشال عون من دونِ انتخابِ رئيسٍ جديدٍ خَلفاً له، دخل لبنانُ مرحلةَ شُغورٍ رِئاسيّ مصحوبةٍ بعواصفَ سياسيّة قد تطيلُ فترة الشّغور إلى ما شاء الله، في حال بقيت سقوفُ الأفرقاء السّياسيّين عالية وبعيدة عن طاولة الحوار لإنقاذ البلد.
لكن الرّئيس عون، غادر بعبدا مفجّراً قنبلةَ توقيعِ مرسومِ قَبول استقالةِ الحكومة، ورسالةً بعث بها إلى مجلس النّواب تتضمّنُ طلباً لمناقشة إمكانية جواز سحب التكليف من رئيس الحكومة المكلّفِ نجيب ميقاتي، كما والنّظر في إمكانية أن تستمرّ حكومة تصريف الأعمال في مهامّها، وأن تمارس أيضاً صلاحياتِ رئيسِ الجمهوريّة، على اعتبار أنها أصبحت فاقدةً لأركانِها الدستوريّة بعد توقيع مرسوم قبولِ الاستقالة، ما يعني وجوبَ انعقادِ المجلسِ النّيابي لمناقشةِ رسالةِ عون واتّخاذ القرار المناسب.
إلاّ أنّ دعوةَ رئيس المجلس النيابيّ نبيه بري لعقد جلسة عامّة استجابةً لرسالة عون، لاقت بعضَ الانتقادات لا سيما من بعض النواب، بحُجة أن المجلس النيابيّ اليوم هو هيئة ناخبة مهمّتها إنجاز استحقاق انتخاب رئيس للجمهوريّة، وبالتالي لا يمكنُه القيام بأيّ أمرٍ آخر.
في الواقع، وبحسب خبراء دستوريّين، فإن هذا الكلام غير دقيق، بالرغم من تعدّد الآراء الدستوريّة حول هذه المسألة، وهي تُعتبر خلافيةً لدى فقهاء القانون الدستوري، إلّا أن الرأيَ الأكثرَ ترجيحاً، هو ما درج عليه المجلس النيابي في تفسيره للمادة 75 من الدّستورِ التي نقول إن المجلسَ النيابيّ الملتئم لانتخاب رئيسٍ للجمهورية يُعتبر هيئة ناخبة لا تشريعيّة، بأن المقصود من متن هذه المادّة أن الجلسة التي يدعو إليها رئيس المجلس ويكون موضوعُها الانتخاب لا يمكن التشريع خلالها، إنما يمكن للمجلس أن يشرّع أو يبحث في أي عملٍ آخر خارج انعقاد جلسة الانتخاب، وفي أي جلسة أخرى. وبالتالي فإن هذه المادة تحاكي حصراً جلسة انتخاب الرئيس وليس طيلة فترة الشغور الرئاسيّ.
وفي سياقٍ متّصل بأسباب انعقاد الجلسة، إنّ سحبَ التكليفِ يستقلّ تماماً عن موضوعِ تصريفِ الأعمال، فالرئيس ميقاتي مكلّفٌ لكنه أيضاً رئيس حكومةِ تصريف أعمال، وهذا لا يٌلغي ذاك. وفي الإطار، تقدّر أوساطٌ متابِعة أن لا يُسحب التكليف من ميقاتي، عملاً بسوابق بناء على رسائل رئاسيّة أو محطات دستوريّة، أكّدَ فيها المجلس النيابي بأغلبيته أنه لا يوجد نص واضح يحدّد للرئيس المكلف مهلةً لتشكيل حكومته، وحتى لا يقع المجلس في إشكاليّات دُستوريّة وطائفيّة وسياسيّة، يتجنب سحب التكليف. أمّا الحكومة فبطبيعة الحال يمكنُها الإستمرار بتصريف الأعمال، ومن المتوقع كما جرت العادة، بحسب الأوساط، أن يُصدر المجلسُ توصيةً بهذا الخُصوص، جواباً على طلب الرئيس عون.