حمل التطبيق

      اخر الاخبار  "أ ف ب" عن مصدر حكومي سوري: الشرع سيطلب خلال زيارته موسكو تسليم بشار الأسد   /   الرئيس السوري أحمد الشرع يصل إلى روسيا في زيارة رسمية لإجراء مباحثات مع نظيره الروسي   /   إعلام الاسرى: الأسير مروان البرغوثي يفقد الوعي بعد اعتداء وكسور في أضلاعه   /   الجيش الإسرائيلي: فحوص المعهد الوطني للطب الشرعي أكدت أن الجثة الرابعة التي سلمتها حماس لا تتطابق مع أي رهينة   /   تحليق للطيران الحربي الإسرائيلي في أجواء القطاع الشرقي   /   القناة 12 الإسرائيلية: نتنياهو يغادر قاعة المحكمة بعد استلامه رسالة   /   مراسلة الأفضل نيوز: حربي على علو منخفض فوق سهل البقاع الأوسط والغربي   /   فصائل المقاومة الفلسطينية: الحملة الأمنية بغزة ضرورة وطنية لحماية المواطن وندعو العائلات لتسليم المتورطين   /   الكرملين: بوتين والشرع سيبحثان تطوير العلاقات بين البلدين   /   متحدث باسم طالبان: مقتل أكثر من 12 مدنيا وإصابة 100 في هجمات شنتها القوات الباكستانية على أفغانستان اليوم   /   الرئيس السوري: علاقات دمشق مع موسكو لا تتعارض مع علاقاتها مع واشنطن والغرب   /   الوكالة الوطنية: الطيران المسيّر الاسرائيلي يحلّق فوق بيروت وضواحيها   /   القناة 12 الإسرائيلية: يجري التحقق من احتمال أن إحدى جثث الرهائن الأربعة التي تم تسليمها لا تعود لرهينة إسرائيلي   /   الوكالة الوطنية: تفجير إسرائيليّ كبير فجرًا في حي الكساير عند أطراف بلدة ميس الجبل   /   تحليق مسيّرة إسرائيلية على علو منخفض فوق ضاحية بيروت الجنوبية   /   وزارة الصحة: إصابة شخص بجروح في الغارة الإسرائيلية على بلدة وادي جيلو   /   الطيران الحربي الإسرائيلي يحلق في أجواء مناطق الجنوب على علوّ متوسط   /   القوات الإسرائيلية تطلق قذائف ضوئية في أجواء مرتفعات بلدة شبعا وقبالة شاطئ الناقورة   /   مراسل الافضل نيوز: إصابة مواطن جراء استهداف سيارة في وادي الحضايا بين وادي جيلو و يانوح   /   مراسل الأفضل نيوز: غارة من مسيرة استهدفت منطقة الحضايا بين وادي جيلو ويانوح   /   وزير المالية بتسلئيل سموتريتش خلال احتفالات في سديروت: سيكون هناك استيطان يهودي في غزة   /   مسيّرة إسرائيلية تُحلق على علو منخفض في ديرقانون النهر- قضاء صور جنوبي لبنان   /   سانا: الرئيس السوري سيلتقي نطيره الروسي غدا في موسكو   /   الوكالة الوطنية للإعلام: استنفار وحشود من أبناء العشائر في المنطقة الحدودية لبلدة القصر - قضاء الهرمل بعد خطف لبنانيين   /   الشرطة الإيطالية تطلق قنابل الغاز لمنع المتظاهرين من الوصول لملعب مباراة ‎إيطاليا و"إسرائيل"   /   

طوَت ٤٠ عامًا من رحلةِ الدموعِ والانتظار المُوجِع... "أم عزيز" أيقونةُ المعذبين على هذه الأرض..!

تلقى أبرز الأخبار عبر :


محمود الزيات - خاصّ الأفضل نيوز

 

 

  "ام عزيز"، ديراوي.. الاسم الأكثر شهرةً في "عالم" المرارة والمعاناة، غيَّبها الموت قبلَ أيامٍ، بعد 40 عامًا من المعاناةِ والانتظار، وهي التي أدمنت على أن تحكيَ صُوَر أولادها الأربعة الذين أُدرِجوا في خانة "المفقودين"، خلال ارتكابِ الاحتلال الإسرائيليِّ وأعوانه من ميليشياتٍ لبنانية موالية له، أفظعَ مجزرةٍ في صبرا وشاتيلا، بعد أسابيعَ قليلةٍ من الغزو الإسرائيليِّ للبنان عام 1982.

 

  رحلةُ "أم عزيز أو آمنة حسن بنات، اللاجئة الفلسطينية المقيمة في مخيم برج البراجنة في ضاحية بيروت الجنوبية، بدأت حين كانت ما تزالُ بكامل عافيتها، قادرةً على الانتقال من اعتصام إلى آخر ، كان يجمعُ عوائل المفقودين والمخطوفين في لبنان، والذي يُقدرُ عددهم بـ 17 ألف شخص، بحسب وثائق لجنة المتابعة لقضيةِ المخطوفين، وهي رحلةٌ لم تنتهِ مع تقدُّمها في السن، والإرهاق الذي بدأت تشعر به، حيثُ كانت تعتمدُ على مساعدة الأقارب والأصدقاء للانتقال ومتابعة كلِّ التَّحركاتِ الخاصة بقضية الآلاف من المفقودين، ومن بينهم أبناؤها الأربعة.

 

  

بدأت حكايةُ "أم عزيز"، في ١٦ من أيلول من عام ١٩٨٢، يومها كانت قواتُ الاحتلال الإسرائيليِّ قد احتلت أجزاءَ واسعةً من العاصمة بيروت، حين "دخل أناسٌ مسلحون إلى البيت الذي لجأنا إليه في بئر حسن، وحطُّوهم بالشاحنة"، حسب ما قالت "أم عزيز" في روايتها عن حادثة خطفِ أبنائها الأربعة، ركضت "أم عزيز" صوبَ الشاحنةِ وهي تحملُ قميصًا لابنها عزيز ، وتنادي أولادها "وينكُو"، ربما سمِعَت من يجيب " يُمَّا نحن هون" ، "ليش أخدتوا أولادي"، سألت الخاطفين، ردوا "سنُحَقّق معهم ويعودون.. ولم يعودوا، يومها.. لم تتمكن "أم عزيز" من أن تعطي ابنها القميص "اللي بِيْدَفّيه من برد أيلول"، ردَّدت أمام قلَّةٍ من الناس تجمعوا حولها.

تملَّك الخوف "أم عزيز" كلُّ الساعات التي سبقت الأخبار التي تحدثت عن مجزرةٍ حصلت في مخيَّم صبرا وشاتيلا، راحت تبكي وتبحث في كلِّ زوايا المخيمين عما يرشدها إلى ابنائها، تتفقد الجثثَ المنتشرةَ في كلِّ الأنحاء، وكلَّما اعتقدت أنَّ هذه الجثةَ تعودُ إلى أحد أبنائها، كانت تمسحُ الدماءَ والغبار عن وجوه الشهداء الذين قُتلَ بعضُهم بالرصاص، والبعض الآخر قتل بالسكاكين، لينتهي الاعتقاد بالخيبة والمرارة.

        

 

 في بيتها المتواضعِ داخل أزقة مخيَّم برج البراجنة، كانت "أم عزيز" اللاجئة الفلسطينية التي نزحت وهي ما تزال صغيرةً في السن، مع الجيل الأول من بلدتها عمقا في قضاء عكا شماليِّ فلسطين المحتلة عام ١٩٤٨، تحرصُ على تفقد صُوَر أبنائها المعلقة في صدر الغرفة التي تأوي فيها ، بعد كلِّ نهار طويل ومتعب، وهي تحكي وتروي لأبنائها ـ الصُوَر عن صرخات رفيقاتها من الأمهات اللواتي فقدن أبناءهن، "أم عزيز".. السيدة الفلسطينية الثمانينية، كانت في كلِّ مرة تحضرُ الاعتصامات قبل المشاركين من الجيل الشبابيّ؛ لأن لا شغلَ لديها سوى البحث عن أبنائها الأربعة. قالت مرّة.."انا محظوظة لان لدي صُوَرا صغيرة لأولادي الأربعة، أعيش معها كلَّ الوقت، ومن ينظر إليًّ ..ينظر إلى الصُوَر"... عزيز (مواليد ١٩٥٠)، منصور (١٩٥٦)، إبراهيم (١٩٥٣)، وأحمد (١٩٦٩)، التي "تحتل" جدار غرفتها ، والتي تلقي الصباحات والمساءات عليها، استطاعت "أم عزيز" أن توصلَ قضيتهم إلى دائرةٍ واسعة من المنظماتِ الانسانية والحقوقية والى جمهورٍ واسعٍ من المهتمين والمتعاطفين، عرفوا "أم عزيز" منذ بدايات قضية المخطوفين والمفقودين، وتعرفوا على رحلة الانتظار الموجع، رحلة كانت كفيلة بأن ترسمَ على وجه "أم عزيز" كلَّ علامات البؤس والعذاب.. مع خيطٍ رفيع من الأمل المتبقي لديها بعودة أبنائها.

 

طوال السنوات الأربعين.. أضافت "أم عزيز" أمنية على أمنيتها بالعودة إلى ديارها في فلسطين، أمنية عودة ابنائها ، ومع مرور السنوات، كانت تأمل لو أنها عثرت، ولو على جثة لأحد أبنائها الأربعة، "كي أزور قبره".. لكنَّ القدرَ أراد لها أن تعيشَ نكبتين، نكبةَ فلسطين التي تعيشها مع الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في شتات العالم.. ونكبةَ عائلتها التي لفَّتها المعاناةُ من التعب من الانتظار ، لتتحولَّ، بحياتها وبرحيلها، إلى أيقونةٍ لكلِّ المعذبين على هذه الأرض.