ممتاز سليمان - خاصّ الأفضل نيوز
بالأمس قرأتُ مقالًا لأحد الأصدقاء الصّحافيّين الذي لطالما أعجبتُ بكتاباته مبنى ومعنى، ولكن فوجئتُ بالمقاربة الخاطئة واللّاواقعية التي توصّل إليها من أنَّ سياسةَ المملكة العربية السّعودية في بيروت تختصرُ برغبة إحلال سفيرها محلَّ الرئيس سعد الحريري.
أعتقدُ أنَّ تحليلًا كهذا يشكلُ افتئاتًا وتقزيمًا لدور المملكة وسفيرها في لبنان.
لا يختلفُ اثنان على أنَّ المملكةَ العربيّةَ السّعوديّةَ الملقّبة بمملكة الخير، لم تدخل يومًا في دساكر السّياسة اللّبنانيّة الضيّقة، ولطالما كانت تتعاملُ مع لبنان الدولة بأطيافه كافّة، مستهدفةً تقوية مؤسّساته الرّسميّة دون تفريق أو تمييز.
فالمملكةُ التي رعت اتفاقَ الطائف الذي وضع أوزارَ حربٍ أهليّة دارت رحاها على مدى أكثر من عقدين من الزّمن، وأعادت لبنان إلى الخريطةِ العالميّة، لم تتعاطَ يومًا بمنطق الأزقَّةِ والطوائف والزّعامات، حتى في عزِّ قوة الرّئيس رفيق الحريري ودوره الطاغي على المشهد السّياسي ،لم تقرشه المملكة بالسياسة الطوائفيّة أو المذهبية.
زد على ذلك أنه في زمن الاستقطاب السّياسيِّ والانقسام العاموديِّ الذي وسمَ المشهدَ السياسيَّ بعد العام 2005 إثر استشهاد الرّئيس الحريري، وما تبعه من محاولات احتكارٍ وتطويب للطائفة السنية والتَّحكُّمِ بكلِّ مفاصلها واختصارها بشخصٍ واحدٍ ونهجٍ واحد، لا بل جرها إلى مواقف ونزالات سياسية لم تعتدها تاريخيًا، ثبت عدمُ جدواها ونجاعتها، ولم تنعكس إلّا إحباطًا وضعفا على الطائفة وأهلها.
بالأمس عادت المملكةُ العربية السّعودية من خلال سفيرها في لبنان عبر المؤتمر الضَّخمِ في الذكرى 33 لاتفاق الطائف لتأكيد وحدة لبنانَ وعروبته ونهائية الكيان اللبنانيِّ وعيشه المشترك، مؤثمر عابر الطّوائف والمذاهب والزواريب، وقبله كانت زيارات السّفير في مختلف المناطق، لا سيّما البقاع ،لتأكيد أنّ المملكةَ هي على مسافةٍ واحدةٍ من كلِّ الفرقاء السّياسيّين على اختلافِ مشاربهم وأهوائهم السّياسيّة، وأنّ المظلةَ التي رفعتها منذ أكثر من ثلاثة عقودٍ فوق سماء الوطن لا يمكن أن تختزلها أو تختصرها بمعركةٍ ضدَّ شخصٍ أو أشخاصٍ.