زياد العسل _ خاصّ الأفضل نبوز
في الدولِ التي يتعرَّضُ شعبها لنكبة تلو النكبة، يقفُ العقلُ البشريُّ أمام عظمة هذا الشعب وصموده. ولعلَّ اللبنانيَّ المقيم اليوم هو نموذجٌ صارخٌ على ما الصبر والجبروت، إذ إن العلماء والمفكرين وحتى المنجمين، تاهوا في وصف هذا الشعب ، الذي ينطبقُ عليه قول أبي الطيب المتنبي:
"رماني الدهرُ بالأرزاءِ حتّى....
فؤادي في غشاءٍ من نِبالِ
فصرْتُ إذا أصابتني سِهامٌ...
تكسّرتِ النِّصالُ على النِّصالِ
وهانَ فما أُبالي بالرزايا
لأنّي ما انتفعْتُ بأن أبالي"
في رحابِ يوميات اللبنانيين، ثمةَ أمرٌ لا يمكن إلا أن يتوقفَ عنده المراقب، ألا وهو الإقبال الكبير للشعب اللبنانيِّ على شراء أوراق اللوتو اللبناني واليانصيب، حيث بلغت قيمةُ الجائزة منذ أسابيع ما يقارب ال١٨ مليار ليرة لبنانية، فتسمَّر ملايين اللبنانيين أمام الشاشة لمشاهدة ٦ أرقام لمعرفة ما إذا كانت تذاكرهم هي الرابحة، أم أن هناك زيارة الأسبوع المقبل لمحلِّ بيع "اللوتو".
يروي أبو أحمد (60 سنة) من بلدة السلطان يعقوب البقاعية أنه منكبٌّ على شراء أوراق اللوتو منذ ما يقارب العشرين عامًا، حيث أنه وصلَ للطلاق مع زوجته مرات متتالية بسبب هذه اللعبة التي تشكلُ له متنفسًا، يشعر فيه أنه فرصةً للثراء "وتزيبط الوضع" وفق ما يقول، ولكنه يعود ليقول أنَّ أكثر الأحيان، كان عداد الشاشة يعطي ثلاثة من أرقامه المقطوعة، وهذا يعادل ثمن تذكرة لوتو.
سحر، وهي معلمة في مدرّسة خاصة تؤكد أن شراء أوراق اللوتو أصبح عادة عندها، إذ إن هذا يشكلُ فرصةً ولو بالخيال، فالأوضاع قد تتغير بأرقام ما بين ال ١ وال ٤٢، مقابل ثمن لا يتعدى ال 10000 ليرة لبنانية.
عدي، وهو صاحب محلٍّ لبيع تذاكر اللوتو في قرية ضهر الأحمر يقول للأفضل نيوز: "إنَّ عدد الداخلين لمحله قد زاد أضعافًا منذ بدء الأزمة حتى اليوم،الأمر الذي جعله يتيقن أنه أحسن صنعًا في فتح هذا المحلّ، عوض محلٍّ آخر، كان يريد أن يستثمرَ فيه، ويتوقع الأخير أن تزيد النسبة أكثر فأكثر في الأيام والمشاريع المقبلة".
المضحك المبكي، أنَّ شعبًا بأغلبيته الساحقة بات يؤمن بأرقام على ورقة، علَّ حياته تتغير وتتبدل ويكون يوم الحظِّ قد حان، وعلى مقولة أخواننا المصريين: "إن سألت الله ، فاسأله البخت".