زياد العسل _ خاصّ الأفضل نيوز
في غضون أحداث السَّابع عشر من تشرين، وبغضِّ النَّظر عمّن رأى فيها حدثًا مزلزلًا للواقع اللّبنانيّ الراكد، ومن رأى فيها حدثًا منظمًا ومدبَّرًا ومبرمجًا، فثمة رهانٌ كبيرٌ كان من ناخبي ما يُسمى قوى الثورة والتغيير مفادها أنّ التغييريين قد يكونون بمثابة بصيص نورٍ وسط المشهد الضبابيِّ برمّته، ووسط أداءٍ سياسيٍّ عقيم وفق ما وصفه التغييريون أنفسهم الذين وصلوا للمجلس النيابي، وجمهورهم الذي أوصل قسمًا منهم في مناطق لبنانية، وأسماء أخرى وصلت بسبب كيديّاتٍ سياسيةٍ، واستثمار الجو المشحون هنا وهناك.
في قراءة في موقف التغييريين من الاستحقاق الرئاسي، يقف المرء حائرًا وهو يقلب في مواقف نواب التغيير، حيث يتضحُ بشكلٍ لا يقبل الشك والريبة أنَّ ثمةَ خلافٌ جوهريٌّ وجديٌّ في مقاربة كلِّ تفصيلٍ، صغُر أو كبُر، وهذا يعكس هوَّةً كبيرةً، وفي الوقت عينه يعكس قلةَ مسؤوليةٍ وقلّة التزامٍ في مقاربة هموم الناس وآلامها ووضعها المزري، الذي تسلّق قسمٌ ليس بالقليل من هؤلاء على هذه الشعارات والأوجاع التي تفتك بقلوبِ اللُّبنانيين وهياكلهم العظمية يومًا بعد يوم.
هذا الاستحقاقُ كشف بشكلٍ واضحٍ وجليٍّ أن ثمةَ من استثمرَ في وجع الناس؛ ليتسلقَ إلى السُّلطة، وأنّ هناك من قطف مناخًا سياسيًا ليأتي أيضًا، وتصريحاته تثبت أنه لا يستطيع أن يتعدى الخطَّ الأحمر الذي رُسم له، وإلا يتم حينها إذابة الثلج وتبيان المرج، وهذا ما يدفع به للتحدث بالعموميات، وهناك قسم قليلٌ ولكنه صادقٌ حتمًا، وهو يمارس قناعاته الحقة، بعيدًا عن الاستثمار.
إذا استمرّ أداء التَّغييريّين على ما هو عليه، سيسقط مجددًا رهان "الأوادم والطيبين" الذين راهنوا بصفاء قلوبهم على هؤلاء، وقد يصبح التغييريّون أنفسهم جزءًا من "كلُّن يعني كلُّن" في الاستحقاقات المقبلة، رغمَ مظلومية هذه المقولة وشموليّتها غير العادلة.