ريما الغضبان _ خاصّ الأفضل نيوز
لم تكنِ السفنُ على قدرِ أحلامِ طلابِ التعليمِ المهنيِّ في الأعوام الماضية، فمع بَدْءِ أزمةِ كورونا واتجاه التعليم إلى صفوف الأون لاين كانت الحصَّةُ الأقل لهم. فما بين تعطيلٍ لشبكة الإنترنت يومًا وإضرابٍ للأساتذة يومًا آخر، لم يَحصِّلوا إلا القليل. أما اليوم بعد انتهاء أزمة كورونا، فإنَّ المعاناةَ أخذت شكلًا آخرَ فالتعلمُ بات حضوريًا، ولكن دون تعليم!.
كالعادة، هم آخرُ من يبدأ عامَه الدراسيَّ وأول من ينهيه، إلا أنَّ السنةَ الدراسية للمعاهد المهنية هذا العام ليست بدراسية. إذ يذهبُ التلاميذُ إلى المدرسة فقط في يومين في الأسبوع، لتمضية بعض الوقت وتكبدِ خسائر النقل والعودة إلى المنزل دون فائدة. وسببُ ذلك يعود لغياب الأساتذة المعترضين على الرواتبِ الشهريةِ دون أن تُحرك الدولة ساكنًا، وفي حال وجد أحدُ المعلمين فيكون التدريس فقط نحو الأربع ساعات "إن كترت". فأين هو حقُّ هؤلاء التلاميذ؟.
في ظلِّ الاستهتار الذي تُمارسهُ الدولة على صعيدِ التَّعليمِ الرسميّ، كان للتعليمِ المهنيِّ الحصة الكبرى كالعادة، فغالبيةُ تلاميذ المهنيات اليوم، وخصوصًا في المراحل الأولى، نسوا القراءةَ والكتابة، فتجدهم في مستويات ضعيفة جدًا لا تتناسبُ مع مراحلهم العمرية ولا الدراسية. ففي أزمة كورونا لم يكن عليهم سوى تلقي الدروس عبر رسائل إلكترونية أو عبر تطبيق الواتساب، ليعمل الأهل جاهدين على شرح الدروس لأبنائهم علّهم يحصِّلون القليل من المعرفة.
أما المصيبةُ الكبرى، لم تقتصر فقط على التقصير في إعطاء الدروس، بل كان لزامًا على الطلاب إجراءُ امتحاناتٍ دون أن يعرفوا متطلباتِ المقرر، وكأنها ورقة يانصيب "هن وحظن"، لتكون النتيجة إما النجاح وإما الرسوب، وفي كلا الحالتين، لا يمكننا إلقاءُ اللوم على التلميذ، فهو لا يدري ما الذي يحدث؟؛لأنه يعيشُ في بلد المفاجآتِ والتخبطات.
في العام الماضي، انتهت أزمةُ كورنا ولكنهم لم يعودوا إلى المدرسة بسبب الغلاء الفاحش، واليوم لربما لن يرجعوا في حال انتشار الكوليرا مع بوادر انتشار فيروس H1N1 التي باتت تُهددُ العامَ الدراسيّ. وفي حال اكتمل العامُ دون كوارثَ صحية، فأنه مهددٌ فلا دروسَ حتى الآن والآتي أعظم.
ما بين "يوم أي" و "يوم لاء"، يضيعُ مستقبلُ هؤلاء الطُلاب بسبب إهمالِ الدولة، التي لم تُحرك ساكنًا، والتي تعيشُ على الوعود وإلقاء الخطابات كحجةٍ "لتسكيت" الناس. ومع تقدمِ الوقت بات ناقوسُ الخطر يدقُ أبواب مستقبل تلاميذ المعاهد المهنية، فالفراغ الدراسيُّ وضعهم في خانةِ الضياعِ وباتوا مجهولي المصير.