زياد العسل__الافضل نيوز
عادت ذكرى الاستقلال هذا العام في مشهدٍ قد يكون مفصليًّا في تاريخ لبنان الحديث، فبعد أكثر من مئة عام على ولادة لبنان الكبير، تصغرُ أحلامُ اللبنانيين أكثر من أيِّ وقت مضى، بأنه ثمة أملٌ حقيقيٌّ يُرتجى، في ظلِّ طريقة الحكم الحالية القائمة على منطق المحاصصة والتوزيع الطائفيِّ والمذهبيّ، وتشتّت الهويات الوطنية وتنافرها حدَّ الافتراق والبعد بين مكونات الوطن الواحد.
النظامُ السياسيُّ الحاليُّ الذي يعتبر هدية الفرنسيين الملغّمة للشعب اللبناني، الذين عادوا بعد قرن من الزمن ليكرسوه أكثر، أصبح بمثابة عبء حقيقيٍّ يفرمل أيّة محاولة لبثّ ثقافة المواطنة والانتماء الحقِّ، والذهاب الفعليِّ الى الدولة المدنية التي تلغي الحواجز والعراقيل والألغام المبيّتة في اللاوعي العام؛ لقيام دولة الإنسان لا تلك الانتماءات التقليدية التي خُلق فيها، وتمت برمجته الممنهجة للإبقاء عليها طيلة حياته.
في جولةٍ ميدانية للأفضل نيوز في قلعة راشيا بالأمس للاطلاع على رؤية الناس وزوار القلعة للاستقلال، يعتبر أحمد (شاب طرابلسي يزور راشيا للتعرف على قلعتها) إلى أنَّ "لبنان قطعة من الجنة ولكن الاستقلال الحقيقيَّ لا يمكن أن يكتمل إلا بالبدء بالغاء الطائفية من النفوس قبل النصوص".
"في لا وعي الشعب اللبنانيِّ يتكوّن وهج الاستقلال لشعبٍ قد ملَّ تدخّل الخارج في السّيناريو اللبناني " كما تقول نادين الشابة البترونية"لموقعنا فقد اعتادت وعائلتها منذ سنوات زيارة راشيا والقلعة، نظراً لما تمثلان من حضورٍ في قلبها ووجدانها كلبنانية، وأن هذه الزيارة واجب وطني وشخصي، تحاول من خلاله التعبير عن لبنانيتها التي بها تعتز. ويقول والدها السيد إيلي "إن الاستقلال الحقيقي هو يوم يصبح الذهاب الى الخارج ليس سوى رغبة في السياحة، حينها يكون الاستقلال الحق".
"رواد قلعة راشيا من شتى بقاع الوطن يزورون القلعة سنوياً بشغف وعشق وانتماء"وفق ما تقول المسؤولة في قلعة راشيا وفاء زاكي ، حيث تقول زاكي لموقعنا : إننا كلَّ عامٍ نعيش تجربةَ فرحٍ عندما يرتاد الزّوار من كلِّ لبنان القلعة، سائلين عن تفاصيل الاستقلال، وبدورنا نقوم بشرح كلِّ تفصيل من تفاصيل أمكنة القلعة والصور واللوحات والأسلحة التاريخية وصور لكلِّ المعتقلين، والأحداث المرافقة الموثقة في الصحف الموجودة آنذاك، وهذا بعينه مفخرة لهذه المنطقة وللبنان".
" الثاني والعشرون من تشرين الثاني هو يوم لبناء لبنان الجديد، وليس فقط ذكرى غزلية وطنية وجدانية، وما أحوجنا اليوم في ظلِّ الشغور الرئاسيِّ والحكوميِّ بأن ننهل من هذه المعاني الصمود الوطني الذي تجسده القلعة " هكذا يعلق المرشح لرئاسة الجمهورية ملحم البستاني بالوقود الذي لا معبر الا من خلاله، وقد رصد موقع الافضل نيوز دمعته وهو يحمل العلم اللبناني، بعد غياب كبير عن لبنان، وعودته للترشح برغبة إعادة لبنان " لي منحبو" وفق البستاني نفسه".
بين زائرٍ لقلعة راشيا ينظر في صور المعتقلين مفتخراً، ومواطن يرى الاستقلال منقوصاً حتى تحقيق إنسانية الإنسان، يبقى الأمل كبيراً بأنَّ لبنان هذا مثل طائر الفينيق، ينهض من كلِّ كبواته مهما طال الزمن، نافضاً عنه غبار الأزمات والمحن. فهل يكتمل الاستقلال الحقُّ بدولة يستقل مواطنوها عن الفقر والبطالة والعوز والحلم بالهجرة؟ أم أنَّ الذكرى ستبقى روتيناً سنوياً لا أكثر؟.