زياد العسل _ خاصّ الأفضل نيوز
لم يعدْ خافيًا على القوى السياسية والرأي العام اللبنانيّ، وكلّ متابع للمشهد السياسيّ، أنَّ الاستحقاقَ الرئاسيَّ المنتظر لا يمكن أن يحدثَ دون تسوية كبرى، تتمظهر إقليميًّا، لتعود وترخي بظلالها على الداخل اللبنانيّ، الذي ومنذ خروج سوريا من لبنان، لم يستطع ساسته الأشاوس، تحقيق أيِّ خرق أو اتفاق أو الوصول لأي نقطة تفاهم، إلا بمؤتمر أو تسوية أو خروج بالطّائرات إلى مطارات العالم، بحثًا عن راعٍ هنا أو هناك.
في بادئ الأمر، رفضت القوى المسيحيّة فكرةَ إجراء حوارٍ داخليّ، حيث إنَّ الجميع وصل إلى قناعةٍ واضحةٍ وصريحة، أنَّ ما من إمكان بأيّ شكلٍ من الأشكال للوصول الى تفاهمٍ أو التقاءٍ وسط الخلاف السّياسيِّ والأيديولوجيِّ الكبير، وعدم وجود نقاط مشتركة بين هذه القوى المشكلة للمشهدِ اللّبنانيّ، ومن هنا، ثمةَ حضورٌ للجانب القطريِّ والفرنسيِّ في سياق الحديث الجديِّ عن انتخاب رئيس جمهورية، وهذا ما دفعَ بعض القيادات، ولعلّ أبرزها رئيس التيار الوطنيِّ الحر جبران باسيل لزيارة الدّوحة مؤخّرًا، وغيره من القوى التي تتحضّر للأمر عينه.
حزبُ الله، بدوره يقاربُ المشهدَ اللبنانيَّ بموضوعيّة ومنطقية كبيرة، إذ إنه يدركُ أن طبيعة التركيبة اللبنانية، والتوازنات القائمة لا يمكن أن تُخرق، كون الجمهورية ينطبقُ عليها المثل الشّعبيُّ (لا تهزو واقف عشْوار)، والدّليلُ على ذلك أنه لم يسمِّ أحدًا لرئاسة الجمهورية رغم أن الموقف شبه الواضح هو تبنّيه لرئيس تيار المردة سيلمان فرنجية، فالحزبُ بات مقتنعًا أنّهُ لا مفرّ من تسويةٍ ودورٍ تطمينيٍّ وحضور للقوى الإقليمية الفاعلة والمؤثرة، وهو ما جاء واضحًا على لسان النائب عن كتلة الوفاء للمقاومة علي فياض، أنَّ ثمّة حلحلةً إقليميّة للملفِّ اللبنانيّ، ستظهر مع بداية العام المقبل.
لا حواراتٍ في المجلسِ النيابيّ، ولا لقاءاتٍ في بكركي يمكن أن تغيّرَ المشهد، وهذا ما بات جليًّا عند مختلفِ القوى السياسية في البلاد، فمسرحُ الاستحقاقات، كان ولا يزال الى غاية اللحظة خارج لبنان، بحكم موقعه الجيوسياسيّ في هذه المنطقة، وستبقى الاستحقاقاتُ الكبرى تُطبخُ خارج الحدود حتّى إشعارٍ آخر .